للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وجاء صبي من صبيان الحسين يشتدّ حتى جلس في حِجْر الحسين، فرماه رجل بسهم فأصاب ثُغْرَةَ نَحْرِه فقتله، فقال الحسين: اللهم إن كنتَ حبست عنا النصر فاجعل ذلك لما هو خير في العاقبة وانتقم لنا من القوم الظالمين (١).

قال: وخرج القاسم بن حسن بن علي وهو غلام عليه قميص ونعلان، فانقطع شِسْع نعله اليسرى، فحمل عليه عمرو بن سعيد الأزدي فضربه، فسقط ونادى: يا عماه، فحمل عليه الحسين فضربه فاتقاها بيده فقطعها من المرفق فسقط وجاءت خيل الكوفيين ليحملوه وحمل عليهم الحسين فجالوا ووطئوه حتى مات (٢).

ووقف الحسين على القاسم فقال: عَزّ على عَمِّكَ أن تدعوه فلا يجيبك، أو يجيبك فلا ينفعك، يَوْمٌ كَثُرَ واتِرُه وقَلّ ناصِرُه، وبعدًا لقوم قتلوك، ثم أمر به فحمل ورجلاه تخطَّان في الأرض حتى وضِعَ مع علي بن حسين، وعَطِشَ الحسين، فاستسقى وليس معهم ماء فجاءه رجل بماء فتناوله ليشرب، فرماه حصين بن تميم بسهم فوقع في فيه، فجعل يتلقى الدّم بيده ويحمد الله، وتوجه نحو المُسناة يريد الفرات، فقال رجل من بني أبَان بن دارم: حولوا بينه وبين الماء، فعرضوا له فحالوا بينه وبين الماء، وهو أَمَامَهُم. فقال حسين: اللهم أظْمِه. ورماه الأباني بسهم فأثبته في حَنَكِه، فانتزع السهم وتلقى الدم فملأ كَفّه وقال: اللهم إني أشكوا إليك ما فعل هؤلاء، فما لَبِثَ الأباني إلا قليلًا حتى رئي وإنَّه ليؤتى بالقُلّة أو العس، إنْ كَانَ لَيَرْوِي عِدّة، فيشرَبَه فإذا نَزَعه عن فِيْه قال: اسقوني فقد قتلني العطش فما زال بذلك حتى مات (٣).

وجاء شِمْر بن ذي الجوشن فحال بين الحسين وبين ثَقَله، فقال الحسين: رَحْلِي لكم عن ساعة مباح، فامنعوه مِن جُهّالِكم وطَغَامِكم وكونوا في دنياكم أحرارًا إذا لم يكن لكم دين، فقال شِمْر: ذلك لك يابن فاطمة. قال: فلما قتل أصحابُه وأهل بيته بقي الحسين عامّة النهار لا يُقْدِم عليه أحد إلا انصرفَ حتى


(١) الطبري ج ٥ ص ٤٤٨.
(٢) الطبري ج ٥ ص ٤٤٨.
(٣) الطبري ج ٥ ص ٤٤٩ - ٤٥٠.