للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فرجع إلى عبيد الله فاستعفاه فأبى أن يُعْفِيَه، فصمّم وسار إليه. ومع حسين يومئذ خمسون رجلًا، وأتاهم من الجيش عشرون رجلًا، وكان معه من أهل بيته تسعة عشر رجلًا، فلما رأى الحسين عمر بن سعد، قد قَصَدَ له فيمن مَعَه قال: يا هؤلاء اسمعوا يرحمكم الله ما لنا ولكم؟ ما هذا بكم يا أهل الكوفة؟ قالوا: خِفْنا طرح العطاء قال: ما عند الله من العطاء خير لكم. يا هؤلاء: دعونا فلنرجع من حيث جئنا.

قالوا: لا سبيل إلى ذلك قال: فدعوني أمضي إلى الرّي فأجاهد الدّيْلم. قالوا: لا سبيل إلى ذلك. قال: فدعوني أذهب إلى يزيد بن معاوية فأضع يَدِي في يَدِه، قالوا: لا، ولكن ضع يَدَكَ في يَدِ عبيد الله بن زياد. قال: أما هذه فلا. قالوا: ليس لك غيرها. وبلغ ذلك عبيد الله بن زياد فهَمّ أن يُخلِّي عنه، وقال: والله ما عرض لشيء من عملي وما أراني إلا مخل سبيله يذهب حيث شاء، فقال (١) شِمْر بن ذي الجوشَن الضبابي إِنك والله إن فعلت وَفَاتَك الرجل لا تستَقِيلها أبدًا، وإنما كان هِمّةُ عبيد الله أن يثبت على العراق، فكتب إلى عمر بن سعد:

الآن حين تَعلْقَتْه حِبَالُنا … يَرْجُو النجاة وَلَاتَ حِينَ مَنَاصِ (٢)

فناهِضْه وقال لشِمْر بن ذي الجوشن: سر أنت إلى عمر بن سعد فإن مضى لما أمَرْتُه وقاتل حسينًا، وإلا فاضرب عنقه وأنت على الناس.

قال: وجعل الرجل والرجلان والثلاثة يتسللون إلى حسين من الكوفة، فبلغ ذلك عبيد الله فخرج فعسكر بالنخَيْلة، واستعمل على الكوفة عمرو بن حريث، وأخذ الناسَ بالخروج إلى النخيلة وَضَبَطَ الجسر، فلم يترك أحدًا يجوزه، وعقد عبيد الله للحصين بن تميم الطُّهْوِي على ألفين، ووجهه إلى عمر بن سعد، مددًا له، وقدم شِمْر بن ذي الجوشن الضبابي على عمر بن سعد بما أمره به عبيد الله عشية الخميس لتسع خلون من المحرم سنة إحدى وستين بعد العصر، فنودِي في العسكر فركبوا، وحسين جالس أمام بيته محتبيًا، فنظر إليهم قد أقبلوا فقال للعباس بن علي بن أبي طالب: الْقَهم فاسألهم ما بدا لهم. فسألهم، فقالوا: أتانا


(١) في الأصل "قال" والمثبت عن الذهبي في السير وهو ينقل عن ابن سعد.
(٢) الطبري ج ٥ ص ٤١١، وسير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٣٠٠.