للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كبيرًا، فبعض النّاس يقول إنّما الذي رَفَع التراب الوليد، وبعضهم يقول أبو أُحَيحة، وبعضهم يقول كلاهما جميعًا فعل ذلك، فرضوا بما تكلّم به رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وقالوا: قد عرفنا أنّ اللهَ يُحيي ويُميت ويَخلُق ويَرزُق، ولكنّ آلهتنا هذه تَشفع لنا عنده، وأمّا إذ جعلتَ لها نصيبًا فنحن معك، فكبُر ذلك على رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، من قولهم حتّى جلَس في البيت، فلمّا أمسى أتاه جبريل، - عليه السلام -، فَعَرض عليه السورة، فقال جبريل: ما جئتك (١) بهاتين الكلمتين، فقال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -: قُلْتُ عَلى اللهِ مَا لَمْ يَقُلْ، فَأوْحَى الله إليه: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا}: إلى قوله: {ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا} [سورة الإسراء: ٧٣ - ٧٥] (٢).

أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني محمّد بن عبد الله عن الزهريّ عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال: فَشَتْ تِلْكَ السَّجدة في النّاس حتى بلغت أرض الحبشة، فبلَغ أصحابَ رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أنّ أهل مكّة قد سجدوا وأسلموا حتى إنّ الوليد بن المغيرة وأبا أُحَيْحَة قد سَجَدا خلف النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، فقال القوم: فمن بَقى بمكّة إذا أسلم هؤلاء؟ وقالوا: عشائرنا أحبّ إلينا، فخرَجوا راجعين حتى إذا كانوا دون مكّة بساعة من نهار لقوا رَكْبًا من كنانة فسألوهم عن قُريش وعن حالهم، فقال الركْب: ذكَر محمّد آلهتهم بخير فتابعه الملأ، ثمّ ارتَدَّ عنها فعاد لشتم آلهتهم وعادوا له بالشرّ، فتركناهم على ذلك، فَأْتمر القوم في الرجوع إلى أرض الحبشة ثمّ قالوا: قد بلغْنا ندخل فننظر ما فيه قريش ويُحْدِث عَهْدًا مَن أراد بأهله ثمّ يرجع (٣).

أخبرنا محمّد بن عمر قال: فحدّثني محمّد بن عبد الله عن الزهريّ عن


(١) في سائر طبعات ابن سعد "جئتك" بهاتين الكلمتين. وهو خطأ فاحش ولعله متعمد من جانب المستشرقين رغم دقتهم في تحرير النص وتصويبه. وكان ينبغي عدم مجاراة الطبعة الأوربية في كل من طبعتي إحسان وعطا نظرًا لخطورة الأمر. هذا والتصويب من مخطوطة م، والنويري وهو ينقل عن ابن سعد.
(٢) أورده النويري في نهاية الأرب ج ١٦ ص ٢٣٣ نقلًا عن ابن سعد.
(٣) النويري نهاية الأرب ج ١٦ ص ٢٣٤.