للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إجرائه، وقد يكون على الباطل، فلا يؤجر في الأول ويأثم في الثاني، ويعاتب على الجهل على كل حال، أو يعاقب عليه.

ومقتضى الحديث: "الْقُضاةُ ثَلاثَهٌ: اثْنانِ فِي النَّارِ وَواحِدٌ فِي الْجَنَّةِ؛ رَجُلٌ عَلِمَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ، وَرَجُلٌ قَضَى لِلنَّاسِ عَلى جَهْلٍ فَهُوَ فِي النَّارِ - وفي رواية: وَقاضٍ قَضَى بِغَيْرِ عِلْمٍ فَهُوَ فِي النَّارِ - وَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ، فَجارَ فِي الْحُكْمِ، فَهُوَ فِي النَّارِ" [رواه] (١) الأربعة، والحاكم وصححه، من حديث بريدة رضي الله تعالى عنه (٢): أن الجاهل آثم وإن وافق الحق.

وسبق عن سهل التستري رحمه الله تعالى: أن الله عز وجل لم يعص بمعصية أعظم من الجهل (٣)، ومن ثَمَّ ذم الله تعالى من يعبده على حرف؛ أي: جهل.

فإذا أجرى العالم ذلك الحكم على خلاف الشرع فقد خالف مقتضى العلم، ووافق مقتضى الجهل، فعقابه أشد من عقاب الجاهل؛ إذ يسوغ للجاهل أن يقول لمن قال له: لم أجريت ذلك على خلاف الشرع؟ أن يقول: لم أكن عالماً به، فإذا قيل له: لم لم تتعلم؟ انقطعت حجته؛ فإن الله لا يعذر على الجهل كما في الحديث، إلا أن


(١) بياض في "أ" و"ت"، ولعل الصواب ما أثبت.
(٢) رواه أبو داود (٣٥٧٣)، والترمذي (١٣٢٢)، والنسائي في "السنن الكبرى" (٥٩٢٢)، وابن ماجه (٢٣١٥)، والحاكم في "المستدرك" (٧٠١٢).
(٣) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>