للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يبلغ العبد حقيقة الإيمان حتى يرى الناس كأنهم حمقى في دينهم (١).

وبيانه: أن الناس الذين تراهم إما طائع وإما عاص، فالعاصي أحمق لأنه عبد ترك طاعة مولاه ولا غنى له عنه، ولا بد له منه، ولا قوام له إلا به.

والطائع إما مُراءٍ، وإما مخلص.

فالمرائي أحمق لأنه أراد بطاعته غير من هي له، فوضع الشيء في غير محله، وأعطى الحق لغير مستحقه.

والمخلص لا يخلو من تقصير وإن أفرغ جهده، والتقصير في حق من رزقه دائم عليه حمق؛ إذ كان ينبغي أن تكون طاعته له دائمة كما أن رزقه عليه دائم.

نعم، هذا الحمق أسهل هذه الأنواع كلها، وشره يذهب بالاعتراف والاستغفار كما قالت الملائكة عليهم السلام: سبحانك! ما عبدناك حق عبادتك (٢).

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "سُبْحانَكَ وَبِحَمْدِكَ! لا أُحْصِي ثَناءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَما أثنَيْتَ عَلى نفسِكَ" (٣).

ومن هنا كان - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إِنَةُ لَيُغانُ عَلى قَلْبِي فَأَسْتَغْفِرُ فِي اليَوْمِ


(١) رواه ابن المبارك في "الزهد" (١/ ١٠٠).
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) هذا الحديث مجموع حديثين؛ رواهما مسلم (٤٨٤)، و (٤٨٦) عن عائشة رضي الله عنها.

<<  <  ج: ص:  >  >>