قال: فما كان حبكم للدنيا؟
قال: كحب الصبي لأمه؛ كنا إذا أقبلت فَرِحْنا، وإذا أدبرت حَزِنَّا مع أمل بعيد، وإدبار عن طاعة الله، وإقبال في سخط الله.
قال: كيف كان شأنكم؟
قال: بتنا ليلة في عافية، وأصبحنا في الهاوية.
قال عيسى: وما الهاوية؟
قال: سجِّين.
قال: وما سجِّين؟
قال: جمرة من نار مثل طباق الدنيا كلها، دفنت أرواحنا فيها.
قال: فما حال أصحابك لا يتكلمون؟
قال: لا يستطيعون أن يتكلموا.
قال عيسى: وكيف ذاك؟
قال: ملجمون بلجام من نار.
قال: كيف كلمتني أنت من بينهم؟
قال: إني كنت فيهم ولم أكن على حالهم، فلما جاء البلاء عمَّني معهم، فأنا معلق بشعري في الهاوية لا أدري أكُرْدَس في النار أم أنجو.
فقال عيسى عليه السلام: بحق أقول لكم: لأكل خبز الشعير وشرب ماء القراح، والنوم على المزابل مع الكلاب لكثيرٌ مع عافية الدنيا والآخرة (١).
(١) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٤/ ٦٢).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute