للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القائل: "هل يأتي الخير بالشر؟ " (١).

وفي رواية: "إِنَّهُ لا يَأْتِيْ الْخَيْرُ بِالشَّرِّ" (٢).

ووقع في رواية سعيد بن منصور عن سعيد المقبري مرسلاً: "أَوَ خَيْر هُوَ؟ " ثلاث مرات (٣)، وهو استفهام إنكاري؛ أي: إن المال أو ما هو أعم منه من زهرة الدنيا ليس خيراً حقيقياً - وإن سُمِّيَ خيراً - كما في قوله تعالى حكايةً عن سليمان عليه السلام: {إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ} [ص: ٣٢]، وقوله تعالى: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} [العاديات: ٨].

وإنما يكون خيراً حقيقياً فيما يعرض له من الإنفاق في الحق، كما أنه شر حقيقي فيما يعرض له من البخل به عمن يستحقه، والإمساك عن الحق، أو من الإسراف في إنفاقه فيما لم يشرع.

ثم قال: "إِنَّ هَذا الْمالَ حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ".

وفي رواية الدارقطني "وَلَكِنَّ هَذا الْمالَ"؛ أي: وغيره من زينة الدنيا، كما قال تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف: ٤٦] حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ" إشارة إلى أن سورة الدنيا حسنة مؤنقة للنفوس، لاهية كالبقلة الخضراء الحلوة، لكنها قد يحصل منها الضرر، فالعاقل لا يغتر بحسنها وزخرفها خشْيةً من ضررها وسمِّها، كما أوضح ذلك بقوله: "وإِنَّ


(١) وهو أيضاً مكرر ثلاث مرات في رواية مسلم (١٠٥٢).
(٢) رواه البخاري (١٣٩٦)، ومسلم (١٠٥٢).
(٣) ورواه البخاري (٢٦٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>