للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاتْرُكِ الْخَيْرَ عَلَيْهِ الشَرُّ يَرْبُوْ وَجِدْ ... خَيْراً سِواهُ فَكَمْ لِلْخَيْرِ وَسْماتُ

والخير الذي يتولد منه الشر ويربو عليه - أي: يزيد به - ليس إلا الخير الدنيوي المحض، أو الخير الأُخروي الذي لم تصح فيه النية، وهو دنيوي، ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَأتِي الْخَيْرُ إِلا بِالْخَيْرِ" (١).

ففي "الصحيح" عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ أكثَرَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ مَا يُخْرِجُ اللهُ لَكُمْ مِنْ بَرَكَاتِ الأَرْضِ"، قيل: ما بركات الأرض؟ قال: "زَهْرَةُ الدُّنْيَا"، فقال له رجل: هل يأتي الخير بالشر؟ فصمت النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى ظننا أنه ينزل عليه، ثم جعل يمسح عن جبينه قال: "أَيْنَ السَّائِلُ؟ " قال: أنا، قال أبو سعيد: لقد حمدنا حين طلع ذلك، قال: "لا يَأْتِي الْخَيْرُ إِلاَّ بِالْخَيْرِ؛ إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، وَإنَّ كُلَّ مَا أَنبَتَ الرَّبِيع يَقْتُلُ حَبَطًا، أَوْ يُلِمُّ، إِلا آكِلَةَ الْخَضِرَةِ تأكُلُ حَتَّى إِذَا امْتَدَّتْ خَاصِرَتُهَا اسْتَقْبَلَتِ الشَمْسَ فَاجْتَرَّتْ، وَتَلَطَّتْ وَبَالَتْ، ثمَّ عَادَتْ فَأَكَلَتْ، وإنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ؛ مَنْ أَخَذهُ بِحَقِّهِ وَوَضَعَهُ فِي حَقِّهِ، فَنِعْمَ الْمَعُونَة هُوَ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ كَانَ كَالَّذِي يَأكُلُ وَلا يَشْبَعُ" (٢).

وقوله: "لا يأتي الخير إلا بالخير" هو في "الصحيح" مرة.

وفي رواية الدارقطني أنه كرره ثلاث مرات، وهو جواب قول


(١) رواه البخاري (٦٠٦٣)، ومسلم (١٠٥٢) عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -.
(٢) رواه البخاري (٦٠٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>