للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُلَّ ما يُنْبِتُ الرَّبِيع"، ونسبة الإنبات إلى الربيع مجازي، والمنبت حقيقةً هو الله تعالى اختبار أو ابتلاء.

"يَقْتُلُ حَبَطا، أَوْ يُلِمُّ".

والحبط - بفتح الحاء المهملة، والباء الموحدة، وبالطاء المهملة -: انتفاخ البطن من كثرة الأكل.

مَثَّلَ المنغمس في زهرة الدنيا بالدابة التي أصابت مرعى طيباً فلا زالت تأكل حتى امتلأ بطنها وانتفخ، فماتت، أو قاربَتْ أن تموت، ومع حصول الضرر والمحن من الدنيا لأهلها، كذلك يحصل لأهلها، جيل بعد جيل مزيد الرغبة فيها، وشدة المحبة لها لغلبة الهوى على العقل.

وقد قيل: [من الرجز]

وَآفَةُ الْعَقْلِ الْهَوَىْ فَمَنْ عَلا ... عَلَىْ هَواهُ عَقْلُهُ نالَ الْعُلا (١) (٢)

وهذا قليلٌ في الناس، والأكثرون تغلب أهويتهم على عقولهم، فيميلون مع الدنيا فتميل معهم وبهم، ثم تميل عليهم.

ومن ثم قال بعض الحكماء: عجبت ممن يرى الدنيا، ويرى صَنِيْعها بأهلها، ثم يغتر بها.


(١) في "العقد الفريد": "فقد نجا" بدل "نال العلا".
(٢) انظر: "العقد الفريد" لابن عبد ربه (٢/ ١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>