وفيه تلميح إلى أن الخوف هو الذي دعاهم إلى المسابقة، والمسارعة في الخيرات الأخروية لا الدنيوية؛ لأنهم يعلمون أن الخيرات الدنيوية شاغلة عن الخيرات الأخروية، ألا ترى أنها شغلت سليمان بن داود عليه السلام حتى فاتته صلاة العصر، فعقر الخيل التي كانت تعرض عليه وهي من أفضل خيرات الدنيا لما شغلته عن ذكر ربه، فأثنى الله تعالى عليه بعقرها، والإعراض عنها بقوله: {نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (٣٠) إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ (٣١) فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} [ص: ٣١]؛ يعني: الشمس، وإضمارُها من غير ذكر لها لدلالة العشي عليها.
{رُدُّوهَا عَلَيَّ}؛ يعني: الخيل الصافنات الجياد.
{فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ}[ص: ٣٣]؛ أي: فطفق، وأخذ يمسحها مسحاً بضرب سوقها وأعناقها بالسيف، كما رواه الطبراني في "الأوسط"، والإسماعيلي في "معجمه"، وابن مردويه بإسناد حسن، عن أبي بن كعب - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الآية قال:"قَطَعَ سُوْقَهَا وَأَعْنَاقَهَا بِالسَّيْفِ"(١).
وقد قال أبو سليمان الداراني رحمه الله تعالى: ما شغلك عن الله
(١) رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (٦٩٩٧)، والإسماعيلي في "معجمه" (٣/ ٧٥٣). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٧/ ٩٩): رواه الطبراني وفيه سعيد بن بشير، وثقه شعبة وغيره، وضعفه ابن معين وغيره، وبقية رجاله ثقات.