للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى من أهل أو ولد فهو عليك مشؤوم (١).

وكذلك المال، وإنما سكت عنه أبو سليمان؛ لأنَّ الأهل والولد أعز من المال، فإذا كان ما شغل العبد منها عن الله تعالى مشؤوماً، فما شغله عنه من المال أكثر شؤماً، فليحذر المشمِّر في طاعة الله تعالى أن يشغله شيء دون الله عن الله تعالى، ولا يستعظم نفسه عن ذلك، فقد شغلت من هو أقوى منه كآدم، وداود، وسليمان عليهم السلام، إلا أنهم أعرضوا في الحال عما شغلهم مرةً، وفرُّوا إلى الله تعالى، فلم يعاودوا شيئاً من ذلك، بل لازموا الحذر، وخافوا أن شغلوا بشيء من لذات الدنيا، فأعرضوا عنها توبة رجاءً لموعود الله تعالى، وخوفاً من عذابه، وطلباً لمرضاته، فينبغي للعبد أن يسلك سبيلهم، ويحذر كحذرهم.

وقد روى البيهقي، وابن عساكر، وغيرهما عن علي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنِ اشْتَاقَ إِلَى الْجَنَّةِ سَابَقَ إِلَى الْخَيْرَاتِ - يعني: الأخروية -، وَمَنْ أَشْفَقَ مِنَ النَّارِ لَهَا عَنِ الشَهَوَاتِ - يعني: الدنيوية -، وَمَنْ تَرَقَّبَ الْمَوْتَ صَبَرَ عَنِ اللَّذَّاتِ، وَمَنْ زَهِدَ فِيْ الدُّنْيَا هَانَتْ عَلَيْهِ الْمُصِيْبَاتِ" (٢).

وروى الترمذي وحسنه، والبيهقي في "الشعب" عن أبي هريرة - رضي الله عنه -،


(١) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٩/ ٢٦٤).
(٢) رواه البيهقي في "شعب الإيمان" (١٠٦١٨)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (١٣/ ٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>