للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا تراهم إلا يسارعون في الخيرات، ويسابقون إلى الطاعات تحقيقاً لما تحققوا به من صدق العبودية، والقيام بحق الربوبية.

ولقد قال سعيد بن جبير رحمه الله في قوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} [الواقعة: ١٠ - ١١]: هم السابقون إلى التوبة وأعمال البر (١).

وقال الله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: ١٣٣].

وقال: {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} [المؤمنون: ٦١].

وهذا القسم ينبغي لكل ذي نعمة أن يتشبه بهم؛ فإنَّ لهؤلاء يوم القيامة دولة عظيمة، وملكاً كبيراً، وظلاً ظليلاً، وروضاً نضيراً.

ولا يتحقق العبد بالتشبه بهم إلا إذا سارع إلى كل خير، وكانت مسارعته [ناتجة] (٢) عن صدق في العبودية، ومحافظة لحق الربوبية، واستقام على ذلك؛ لقوله تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ} [هود: ١١٢].

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "قُلْ: آمَنْتُ بِاللهِ، ثمَّ اسْتَقِم" (٣).

قال ذو النون رحمه الله تعالى: العبودية أن تكون عبده في كل حال،


(١) انظر: "تفسير الثعلبي" (٩/ ٢٠٢).
(٢) غير واضح في "م"، ولعل الصواب ما أثبت.
(٣) رواه مسلم (٣٨) عن سفيان بن عبد الله الثقفي - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>