للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا حال عامة الأمة إلا الصالحين منهم.

فهذا القسم لا ينبغي التشبه بهم أصلاً إلا في أصل الإيمان، والعمل الصالح، والوقوف على باب الرحمة بالذل، والخضوع، والتوبة إلى الله تعالى، والرجوع.

والمقتصد هو الذي خرج من عهدة الواجب، واقتصر في الرغائب، وكلما فرطت منه فرطة، أو زل زلة، فر إلى الله فرار التائب العارف بأنَّ الله تعالى مطلع عليه، ولأفعاله مراقب، المقتدي بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "سَدِّدُوْا وَقَارِبُوْا" (١)، فهو مسدد مقارب.

وهذا أول مقامات الصالحين، وأدنى مراتب الأبرار.

فهذا القسم ينبغي التشبه بهم لمن لم تنهض به مطية التوفيق إلى التشبه بالصديقين، وقعد به سابق القضاء عن اللحاق بحلبة السابقين؛ فإن لم يصبها وابل فَطَل، وقد استوفينا الكلام على ذلك.

والسابق هو الصديق المتحقق بقوله تعالى: {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: ٢٣]؛ أي: من القيام بحق عبوديته التي وعدوه بها من أنفسهم في [ضمن] (٢) قولهم بلى، جواباً لقوله لهم: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: ١٧٢]؛ أي: أنت ربنا ونحن عبادك، فلا بد من تحققهم بصفة العبودية بالتحرر من رق الأغيار، والخروج عن رِبْقَة الآثار، فلذلك


(١) رواه البخاري (٦٠٩٩)، ومسلم (٢٨١٨) عن عائشة رضي الله عنها.
(٢) غير واضح في "م"، ولعل الصواب ما أثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>