للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بِالبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَرَمْيُ الْجِمَارِ لإقَامَةِ ذِكْرِ اللهِ تَعَالَى" (١).

وقول الجنيد رحمه الله في كلامه المتقدم: والسابق مضروب بسوط المحبة، مقتول بسيف الشوق، مطروح على باب المشاهدة والبشرى واللقاء.

وقال أبو يزيد البسطامي رحمه الله: مضطجع على باب الهيبة (٢).

إنما كان مضروباً بسوط المحبة؛ لأنه قد أفرغ مجهوده في طاعة حبيبه، وبذل الوسع في خدمة سيده حتى غلب الحب على كله، واستولى سلطان الهوى على عقله، فصار يدعى إلى مقتضى المحبة بما هو أشد من السوط، وأبلغ من السيف.

وقد استشهد بعض العارفين على هذا المعنى بقوله تعالى حكاية عن بلقيس: {إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا} [النمل: ٣٤]؛ أي: أفسدوها على غيرهم، فلم تصلح إلاَّ لهم.

كذلك المحبة تستولي على القلب فيفسد فيه ما سوى طاعة المحبوب، ولا يصلح إلا لمحبوبه (٣).

وسلطان المحبة يغلب سلطان الملوك، كما أجرى الله تعالى هذه


(١) رواه أبو داود (١٨٨٨)، والحاكم في "المستدرك" (١٦٨٥).
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) انظر: "حقائق التفسير" للسلمي (٢/ ٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>