للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظاهرة؛ لأنَّ من أحَّط شيئا أكثر من ذكره، فغلبة الذكر على لسان العبد دليل غلبته على قلبه، وغلبته على قلبه دليل محبته المذكور.

ومن هنا قال الجنيد رحمه الله: من ألهم الذكر أوتي منشور الولاية (١).

ومن هنا قال الله تعالى: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} [العنكبوت: ٤٥].

ولأنَّ ذكر العبد لله تعالى، ثوابه ذكر الله للعبد، فإذا ذكره بالتعظيم والهيبة، ذكره الله تعالى بالرفعة، "وإقامة الحرمة له بين عباده، وإلقاء المودة له في قلوبهم.

قال الله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} [طه: ١٢٤].

وقال: {فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [الزمر: ٢٢].

وروى الإمام أحمد في "الزهد" عن حسان بن عطية رحمه الله تعالى قال: ما عادى عبد ربه بشيء أشد عليه من أن يكره ذكره، وذكر من يذكره (٢).

بل الحكمة البالغة: أن الله تعالى لم يكلف العباد طاعته إلا لذكره، قال تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: ١٤].

وروى أبو داود، والحاكم وصححه، عن عائشة رضي الله عنها


(١) رواه القشيري في "رسالته" (ص: ٢٥٦) لكن من قول أبي علي الدقاق.
(٢) ورواه البيهقي في "شعب الإيمان" (٧٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>