للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: رأيتُ غرابًا ساقطًا (١) فوق بانةٍ ينتفُ ريشَه، فقال: ماتت عَزَّة، فانتهَره (٢) ومضى، فوافى مصرَ والناسُ منصرفون من جنازتها، فأنشأ يقول:

فأمَّا غرابٌ، فاغترابٌ وغُربةٌ ... وبانٌ، فبَينٌ من حبيبٍ تعاشِرُهْ (٣)

وذكرَ عنه أيضًا أنه هَوِيَ امرأةً من قومه بعد عَزَّة، يقالُ لها: أمُّ الحويرث، وكانت فائقةَ الجمال، كثيرةَ المال، فقالت له: اخرُج فأصِب مالًا وأتزوَّجُك، فخرَج إلى اليمن وكان عليها رجلٌ من بني مخزوم، فلمَّا كان ببعض الطريق عرَض له قُوطٌ ــ والقُوط: الجماعةُ من الظِّباء ــ، فمضى، ثمَّ عرَض له غرابٌ ينعَبُ ويفحصُ الترابَ على رأسه، فأتى كُثيِّر حيًّا من الأزد ثمَّ مِنْ بني لِهْب، وهم من أزجر العرب (٤)، وفيهم شيخٌ قد سقط حاجباه على عينيه، فقصَّ عليه ما عرَض له، فقال: إن كنتَ صادقًا لقد ماتت هذه المرأةُ أو تزوَّجت رجلًا من بني كعب، فاغتمَّ كُثيِّر لذلك، وسقى بطنُه (٥)، فكان ذلك سببَ موته، وقال في ذلك:


(١) كذا في الأصول وبعض المصادر. وهو مستقيم.
(٢) في الأصول: «فانتهى». تحريف. وفي طرة (د): «لعله: فما انتهى».
(٣) انظر: ديوان كثيِّر (٤٦٢)، و «اعتلال القلوب» (٦٤٤)، و «عيون الأخبار» (١/ ١٤٨)، و «الموشى» (٢٦٥)، و «زهر الآداب» (٤٨٠)، و «وفيات الأعيان» (٤/ ١١٢)، و «الذخيرة» لابن بسام (٨/ ٥٣٥)، وغيرها.
(٤) انظر: «الاشتقاق» (٤٩١)، و «جمهرة أنساب العرب» (٣٧٦)، و «نسب معد واليمن الكبير» (٤٨٠)، و «ثمار القلوب» (٢٢٣).
(٥) أصابه الاستسقاء، وهو تجمُّع سائلٍ مَصْليٍّ في التجويف البريتوني لا يكاد يبرأ منه. «المعجم الوسيط».