للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تيمَّمْتُ لِهْبًا أبتغي العلمَ عندهم ... وقد رُدَّ علمُ العائفين إلى لِهْبِ

تيمَّمْتُ شيخًا منهمُ ذا أمانةٍ ... بصيرًا بزَجْرِ الطَّيرِ مُنحنِيَ الصُّلْبِ

فقلتُ له: ماذا ترى في سوانحٍ ... وصوتِ غرابٍ يفحصُ الأرضَ بالتُّربِ

فقال: جرى الطَّيرُ السَّنيحُ ببَيْنِها ... ونادى غرابٌ بالفِراقِ وبالسَّلْبِ

فإن لا تكن ماتت فقد حالَ دونها ... سواكَ حَلِيلٌ باطنٌ من بني كعبِ (١)

وقال رجلٌ من بني أسد: تزوجتُ ابنةَ عمٍّ لي، فخرجتُ أريدُها، فلقيني شيءٌ كالكلب، مندلعًا (٢) لسانُه في شِقٍّ، فقلت: أخفقتُ (٣) وربِّ الكعبة، فأتيتُ القوم، فلم أصِل إليها، ونافَرني أهلُها، فخرجتُ عنهم فمكثتُ ثلاثة أيَّام، ثمَّ بدا لي فيهم، فخرجتُ نحوهم، فلقيتُ كلبةً تَنْطِفُ أطْباؤها (٤) لبنًا، فقلت: أدركتُ وربِّ الكعبة، فدخلتُ بأهلي، وحملَت منِّي بغلامٍ، ثمَّ آخر، حتى ولدَت أولادًا.

وذكرَ عن يحيى بن خالد قال: حجَّ رجلان، فقيل لهما: هاهنا امرأةٌ تزجُر، قال: فأتَياها فسَألاها، فقال أحدُهما: ما نُضْمِر؟ فقالت: إنك لتسألني عن رجلٍ محبوسٍ مقيَّد. ثم سألها الآخر، فقالت: إنك لتسألني عن رجلٍ مقتول. فقال: هو والله الذي سأل عنه صاحبي، فقالت: هو كما قلتُ. فسألاها عن تفسير ذلك، فقالت: أمَا رأيتما الجاريةَ التي مرَّت ومعها ديكٌ


(١) انظر: ديوان كثيِّر (٤٦٩)، و «الأغاني» (٩/ ٣٣)، و «عيون الأخبار» (١/ ١٤٨).
(٢) (ق، د): «مندلها». (ت): «مدلها». (ط): «مدليا». وفي «بلوغ الأرب» (٣/ ٢١٢): «مندلع».
(٣) (ت): «اجففت». (ط) و «بلوغ الأرب»: «أخفت». ولم تحرر في (ق).
(٤) تقطر ضروعُها.