وكذلك أبو داود فى سننه (١/ ٤١، ٤٢)، فروى الحديث من طريقين عن خالد بن علقمة ثم رواه من طريق شعبة: قال: سمعت مالك بن عرفطة، ثم قال أبو داود: ومالك بن عرفطة إنما هو خالد بن علقمة، أخطأ فيه شعبة. قال أبو داود: قال أبو عوانة يوماً: حدثنا مالك بن عرفطة عن عبد خير فقال له عمرو الأغضف: رحمك الله أبا عوانة! هذا خالد بن علقمة، ولكن شعبة مخطئ فيه؟ فقال أبو عوانة: هو فى كتابى خالد بن علقمة، ولكن قال شعبة: هو مالك بن عرفطة. قال أبوب اود: حدثنا عمرو بن عون قال: حدثنا أبو عوانة، عن مالك بن عرفطة. قال أبو داود: وسماعه قديم. قال أبو داود: حدثنا أبو كامل قال: حدثنا أبو عوانة، عن خالد ابن علقمة. وسماعه متأخر، كأنه بعد ذلك رجع إلى الصواب. وهذا الذى قاله أبو داود فى شان مالك بن عرفطة لم يوجد فى كل نسخ السنن، وإنما وجد فى رواية أبى الحسن بن العبد عن أبى داود. كما ذكره الحافظ ابن حجر فى "التهذيب" (٣/ ١٠٨)، وكما نقله فى عون المعبود عن كتاب الأطراف للحافظ المزى. وقال أبو زرعة الحافظ فيما نقله عنه ابن أبو حاتم فى كتاب العلل (١/ ٥٦ رقم ١٤٥): وهم فيه شعبة. قال ابن حجر فى "التهذيب": وقال البخارى وأحمد، وأبو حاتم، وابن حبان فى "الثقات" وجماعة: وهم شعبة فى تسميته، حيث قال مالك بن عرفطة، وعاب بعضهم على أبى عوانة كونه كان يقول: خالد بن علقمة مثل الجماعة، ثم رجع عن ذلك حين قيل له: إن شعبة يقول مالك بن عرفطة وقال: شعبة أعلم منى، وحكاية أبو داود تدل على أنه رجع عن ذلك ثانياً إلى ما كان يقول أولاً وهو الصواب. قال الشيخ شاكر: وهذا الاسناد جعله علماء المصطلح مثالاً لتصحيف السماع. أى أن الراوى يسمع الاسم أو الكلمة فتقع فى أذنه على غير ما قال محدثه. فيرويها عنه مصحفة. انظر مقدمة ابن الصلاح بشرح العراقى (٢٤١)، وتدريب الراوى (١٩٧)، وشرحنا على ألفية السيوطى (٢٥٠)، وشرحنا على اختصار علوم الحديث لابن كثير (٢٠٧). وقد روى أحمد بن حنبل فى سنده (٦/ ١٧٢)، عن محمد بن جعفر، وحجاج، عن شعبة، عن مالك بن عرفطة، عن عبد خير، عن عائشة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الدباء والحنتم، والمزفت. ثم رواه (٦: ٢٤٤)، عن روح، عن شعبة، قال: حدثنا مالك بن عرفطة، وقال أحمد: إنما هو خالد بن علقمة الهمدانى وهم شعبة. قال الشيخ شاكر: وأنا أتردد كثيرًا فيما قالوه هنا، أما زعم أن تغير الاسم إلى مالك بن عرفطة من باب التصحيف فإنه غير مفهوم، لأنه لا شبه بينه وبين "خالد بن علقمة"، فى الكتابة ولا فى النطق. ثم أين موضع التصحيف؟ وشعبة لم ينقل هذا الاسم من كتاب، إنما هو شيخه، رآه بنفسه وسمع منه بإذنه، وتحقق من اسمه! ! نعم قد يكون عرف اسم شيخه ثم خطأ فيه، ولكن ذلك بعيد بالنسبة لشعبة، فقد كان أعلم الناس فى عصره بالرجال وأحوالهم حتى لقد قالوا عنه: إنه لا يروى إلا عن ثقة، وفى "التهذيب" عن عبد الله بن أحمد، عن أبيه، قال: كان شعبة أمة وحده فى هذا الشأن، يعنى فى الرجال وبصره بالحديث وتثبته وتنقيته للرجال. وفيه، أى =