ونحو هذا على الإطلاق باطل قطعًا، فإن هذه البلاد كانت في أول الإسلام ديارَ كفر، لم يكن بها أحدٌ من أولياء الله، ولمّا صارت دار إسلام صار فيها من أولياء الله بحسب ما في أهلها من الإيمان والتقوى. ولا يختص إقليم من هذه الأقاليم بالأبدال، ومن قال إن الأبدال لا يكونون إلاّ بالشام فقد أخطأ، فإن خيار هذه الأمة من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار كانوا بالمدينة، ولما فتحت الأمصار كان في كل مصرِ من خيار المسلمين مَن لا يُحصيه إلاّ الله.
وإذا كان الأبدال أفضل الأمة فمن الممتنع أن يكونوا في زمن علي بالشام، فإن طائفته كانت أولى بالحق من طائفة معاوية بشهادة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فكيف يكون الأبدال خارجين عن جماعة علي ويكونون بالشام؟
ومما يبين أنهم ليسوا مخصوصين بالشام أن الذين نطقوا بلفظ "الأبدال" من السلف كانوا يجعلون منهم من ليس بالشام، وهذا كثير في كلامهم، فما يدعيه الصوفية غلط.
وقولهم "إن الشدة إذا نزلت بأهل الأرض يرفعها الأدنى إلى الأعلى، حتى ينتهي الأمر إلى الغوث، فلا يرفع بَصَرَه حتى تنفرج تلك النازلة" من أعظم الكذب والبهتان، فإن هذا "الغوث" المدَّعَى ليس بأعظم من الرسل، وهم قد يُمنَعون ما يسألون، وقد كان الأنبياء يجتهدون في الدعاء، فكيف يكون غيرُهم لا يرفع بصرَه حتى تُدفَع النوازل؟ وقد نزل بهذه الأمة من الشدائد ما لا يحصيه