الإيمان والتقوى في قلوب بعض عباده، أو ثبت بدعائه وعبادته نصرُهم ورزقُهم، كان له من هذا المعنى نصيب بحسب ذلك.
أما "النجباء" فلم يرد إطلاقه عند السلف على أولياء الله، ولم يثبت شيء من الآثار التي رويت في ذلك.
بهذا التفصيل نعرف أن السلف عند استخدامهم لبعض هذه الألفاظ لم يفهموا منها تلك المعاني والخصائص التي استقرت في أذهان الصوفية، ولذا فاستناد هؤلاء إلى الآثار التي وردت فيها تلك الألفاظ على لسان بعض السلف لا يُجدِيهم شيئا، فهي -على فرض ثبوتها عنهم- ليست على الوجه الذي يتصوره الصوفية، بل بالمعنى المناسب الذي لا يعارض أصول الدين.
وعندنا أصلان ثابتان بالكتاب والسنة والإجماع، الأول: أن أولياء الله هم المؤمنون المتقون، كما قال تعالى:(إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٣٤)) وقال: (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢)) (الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (٦٣)).
والثاني: أن الله يجلب للناس المنافعَ ويدفع عنهم المضارّ بدعاء عبادِه المؤمنين وصلاتهم وعبادتهم، كما قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "وهل تُنصَرون وتُرْزَقون إلاّ بضعفائكم بدعائهم وإخلاصهم".
إذا عرفنا هذين الأصلين تبيَّن لنا أنه ليس لأولياء الله عددٌ محصور تتساوى فيه الأزمنة، ولا لهم مكانٌ مُعيَّن من الأمكنة، بل هم يزدادون وينقصون بحسب زيادة أهل الإيمان والتقوى