باطن. ويقولون: إن هؤلاء الأولياء يُستسقى بهم الغيث وتنزل الرحمة ويكشف العذاب، وإذا غضب الله على أحدٍ من أهل الأرض وأراد أن يُنزِل غضبَه نظر إلى قلوب هؤلاء، فإن وجدهم راضين بذلك أنزل عذابه، وإلاّ رفعَه. ويدَّعون أن مدد الخلائق في نصرهم ورزقهم يكون بواسطة الغوث، بل إن مدد الملائكة في السماء والطير في الهواء والحيتان في البحر أيضًا بواسطته، وهو يُعطي الملك والولاية لمن يشاء، ويَصرِف عمن يشاء.
ثم بدأ يناقشهم، فذكر أن هذه الدعوى على الوجه المذكور لا أصل لها في الكتاب والسنة، ولا قول أحد من الصحابة والتابعين ولا أئمة المسلمين وشيوخهم. وهذه الأعداد والمراتب والصفات والأسماء ذكرها بعض المتأخرين من الصوفية، وقد زادوا فيها ونقصوا، ولهم أقوال مختلفة في هذا الباب، وقد ادعى بعضهم أنه ينزل كلَّ عام على الكعبة ورقةٌ مكتوب فيها اسم غوث ذلك العام وخضرِه، وان لكل زمانٍ خضرًا، وأنه نقيب الأولياء، وأنه مرتبة محفوظة لا شخص معين، ونحو هذه الدعاوي التي يَعلمُ كل عاقلٍ بطلانَها وضلالَ معتقدها.
وهذه الأسماء ليست موجودة في كتاب الله، ولا هي مأثورة
عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بإسناد صحيح ولا ضعيف محتمل. وقد رُوِي في "الأبدال" حديثٌ عن علي بن أبي طالب مرفوعاً، ولكنه بإسناد منقطع، فهو من رواية بعض الشيوخ الشاميين عن علي، ولم يسمعه منه.