للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واتّفق الصحابةُ على قتالهم، لم يختلفوا في ذلك كما اختلفوا في الجَمَلِ وصِفّين. وقد صحّ الحديثُ فيهم عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما قال الإمام أحمد بن حنبل من عشرة أوجه. وقد رواها مسلم في صحيحه، وروى البخاري حديثهم من غير وجهٍ عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (١).

وحدثَتْ أيضًا الشيعةُ، منهم مَنْ يفضل عليًّا على أبي بكر وعمر، ومنهم من يعتقد أنّه كان إمامًا معصومًا نصّ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على خلافته، وأنّ الخلفاء والمسلمين ظلموه، وغاليتُهم يعتقدون أنّه إله أو نبيّ، والغاليةُ كفّار باتفاق المسلمين، فمن اعتقد في نبيٍّ من الأنبياء كالمسيح أنه إله، أو في أحدٍ من الصحابة كعليّ بن أبي طالب، أو في أحدٍ من المشايخ كالشيخ عَدِيّ أنّه إله، أو جعل فيه شيئًا من خصائص الإلهية فإنه كافرٌ يستتاب، فإن تاب وإلاّ قُتِل.

وقد عاقب عليّ بن أبي طالب طوائف الشيعة الثلاثة فإنه حرق الغالية الذين اعتقدوا إلهيّته بالنار، وطَلَبَ قَتْلَ ابن سبإٍ لما بلغه أنّه يسبّ أبا بكر وعمر فهربَ منه. وروي عنه أنه قال: لا أُؤتَى بأحدٍ يُفضّلني على أبي بكر وعمر إلا جلدتُه حدَّ المفتري (٢). وقد تواتر عنه أنه قال: خيرُ هذه الأمَّة بعد نبيّها أبو بكر ثم عمر (٣). ولهذا كان


(١) جمع ابن كثير في "البداية والنهاية" (١٠/ ٥٩٢ - ٦٣١) هذه الأحاديث وطرقها، وبيّن من خرجها من الأئمة بإسانيدهم.
(٢) أخرجه أحمد في "فضائل الصحابة" (١/ ٨٣).
(٣) قال المؤلف في "منهاج السنة" (١/ ٣٠٨): "رُوِي هذا عنه من أكثر من ثمانين وجها، ورواه البخاري وغيره". وهو عند البخاري برقم (٣٦٧١) عن محمد بن الحنفية عن علي.