فقالوا: مَن يكلِّم فيها رسولَ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قالوا: ومن يَجترئُ عليه إلاّ أسامة بن زيد، فكلَّمه فيها فغضِبَ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال:"إنما هلكَ من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سَرَق فيهم الشريفُ تركوه، وإذا سَرق فيهم الضعيفُ أقاموا عليه الحدَّ، والذي نفس محمد بيدِه لو أنّ فاطمة بنت محمد سرقتْ لقطعتُ يدَها". فهذه كانت من أشرافِ قريش، وكانت مخزوميةً.
وكذلك قبرُ نوح الذي بجبلِ بَعلبكَّ كذب قطعًا، وإنما ظهر من مدّةٍ قريبةٍ، وقد بَيَّنْتُ حاله لما سألني عنه أهلُ الناحية وتبيَّن أنه لا أصلَ له.
وكذلك مشهدُ الرأس الذي بالقاهرة، فإن المصنفين في مقتلِ الحسين اتفقوا على أن الرأس لم يُعرَف، وأهلُ المعرفة بالنقل يعلمون أنّ هذا أيضًا كذب، وأصله أنه نُقِل من مشهدٍ بعسقلانَ، وذاك المشهدُ بنيَ قبلَ هذا بنحوٍ من ستين سنةً في أواخرِ المائة الخامسة، وهذا بنيَ في أثناء المائة السادسة بعد مقتلِ الحسين بنحوٍ من خمسمائة عام، والقاهرة بُنيَتْ بعدَ مقتلِ الحسين بنحو من ثلاثمائة عام، وهذا المشهد بُنيَ بعد بناءَ القاهرة بنحو مائتَي عام.
وكذلك قبرُ علي عليه السلام الذي بباطنةِ النَّجَفِ بالكوفة، فإن المعروف عند أهل العلم أنه دُفِن بقصرِ الإمارة بالكوفة، كما دُفِن معاوية بقصر الإمارة بالشام، ودُفِنَ عمرو بقصر الإمارة بمصر، خوفًا عليهم من الخوارج أن يَنْبشوْا قبورَهم، فإن الخوارج كانوا قد تَحالَفوا على قتلِهم، فقتلَ عبدُ الرحمن بن مُلجم عليًّا عليه السلام