للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جائزٍ. وعلى هذا فالظاهرُ أنه لم يَتْبَعَ ابنَ شاسٍ هنا، وأن الضمير في (مسها) عائدٌ على الجبائر، لا على الجراح، ويكون كلامهُ باقياً على ظاهرِه، ويكون محتوياً على ثلاثِ صُوَرٍ، والله أعلم.

وقولُ ابن شاس: فليس إلا الوضوء. هو كقول المصنف: (تَرَكَهَا وَغَسَلَ مَا سِوَاهَا) يريد أنه لو تَيمم تَرَكَها أيضاً، فالوضوءُ الناقصُ أَوْلَى مِن التيممِ الناقصِ.

وإِنْ كانت في غيرِ أعضاءِ التيمم كالرأسِ والرجلين فأربعةُ أقوالٍ: قيل يَتيمم ليأتي بطهارةٍ كاملةٍ. وقيل: يَغسل ما صَحَّ، ويَسقط موضعُ الجبيرةِ؛ لأن التيممَ إنما يكون مع عَدَمِ الماءِ. والقولُ بالتفرقةِ مبنيٌّ على أن الأقلَّ تابعٌ للأكثرِ. والرابعُ مبنيٌّ على الاحتياط. ولم أَرَ هذه الأقوالَ مَعْزُوَّةً، ولم يَحْكِ ابنُ شاسٍ الثالثَ.

فإِنْ قُلْتُ: قد تَقَدَّمَ في باب التيمم أنه لا يَنقلُ مِن الجِراحِ أو الشِّجاجِ إليه إلا ما كَثُرَ مِثْلُ أَنْ يَبْقَى له يَدٌ أو رِجْلٌ، والخلافُ هنا مطلَقٌ بدليلِ القولِ الثالثِ.

فالجوابُ أَنَّهُ إِنما قَيَّدَ هنالك المتألمَ بأن يكون أكثرَ؛ لأن المسحَ ممكنٌ، وأَطلقَ هنا لأنه لا يُمْكِنُ فيه، فلا يَبْعُدُ أن يكون اليسيرُ هنا كالكثيرِ هناك، والله أعلم.

فَإِذَا صَحَّ غَسَلَ وَمَسَحَ الرَّاسَ فِي الْوُضُوء

قوله: (غَسَلَ) أي: ما مَسَحَه مما هو في الأصلِ مغسولٌ.

وقوله: (وَمَسَحَ الرَّاسَ فِي الْوُضُوء) ينبغي أن تكون الأذنان كذلك، وكأنه إنما اقتصر على الرأسِ لكونِه فرضاً، وحاصلُه أنه يَبْنِي كما في المَسْحِ على الخفين.

ابن عبد السلام: ولا خلافَ أَعلمُه فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>