ابن عبد السلام: ومِن هنا يُؤْخَذُ الحُكْمُ في مَن برأسِهِ عِلَّةٌ لا يَستطيعُ معها غسلُه بالماء في الطهارةِ الكبرى أنه يَنْتَقِلُ إلى المَسْحِ، خلافَ ما في أسئلة ابن رشد أنه يَنْتَقِلُ إلى التيمم. وبالأوَّلِ كان يُفتي أكثرُ مَن لقيناه.
الضمير في (مَسِّهَا) عائدٌ على الجراحِ، وفي (تَثْبُتُ) عائدٌ على الجبائرِ.
وقوله:(أَوْ لا تَثْبُتُ) صوابه: ولا تَثْبُتُ على الجَمْعِ، وإن كان الواقعُ فيما رأيتُ إثباتَ الأَلِفِ؛ لأنه إذا كان لا يَقْدِرُ على مَسِّ الجِرَاحِ لا يَكفيه ذلك في جوازِ تَرْكِ المَسْحِ، بل لا بُدَّ مع ذلك مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إما أن تكون الجبيرةُ لا تَثْبُتُ كما لو كانت تحت المَارِنِ، أو كانت لا تُمكنُ أَصْلاً كما لو كانت في أَشْفَارِ العَيْنِ.
فقوله:(لا يُمْكِنُ) عطفٌ على قوله: (لا تَثْبُتُ) وأَحَدُهما- لا بِعَيْنِه- قَيْدٌ في قوله:(يَتَضَرَّرُ).
وحاصلُ كلامِه صورتان: إحداهما: لا يُمكنه مَسُّ الجراحِ، ولا تَثْبُتُ عليها جبيرةٌ أصلاً. والثانية: لا يُمكنه غَسْلُها ولا يُمكن أن تكون فيه جبيرةٌ أَصْلاً. ويُؤيد هذا كلامُ صاحبِ الجواهرِ قال: إن كان الموضعُ لا يُمكنه وضعُ شيءٍ عليه ولا ملاقاته بالماءِ فإِنْ كان في موضعِ التيممِ- ولم يُمكن مسحهُ بالتراب- فليس له إلا الوضوءُ وتَرْكُه بلا مَسْحٍ، ولا غُسْلٍ. انتهى.
فإن قلتَ: فعلى هذا قول المصنف (ولا يمكن) أي: المسحُ بالتراب ليكون موافقاً لصاحب الجواهر- قيل: الظاهرُ أنه لا يُريد هذا، إِذْ هو حَذْفُ مالا دليل عليه، وهو غيرُ