القرض في اللغه هو القطع، ومنه قوله: قرض الفار الثوب.
وحقيقة القرض معلومة للعامة فضلا عن الفقهاء، وكذلك كونه مندوبا، وصح أنه عليه السلام اقترض.
وذكر أنه يجوز قرض كل ما يصح السلم فيه كالعروض والحيوان، ويفهم أن كل ما لا يصح سلمه لا يصح قرضه؛ فلا يجوز قرض الأرضين والأشجار وتراب المعادن والجواهر النفيسة، ثم استثنى من هذا القاعدة الجوارى، فإنه يجوز السلم فيهن، ولا يجوز قرضهن؛ لأن المستقرض لما كان متمكنا من رد المثل والعين صار في معنى إعارة الفرج وهو ممنوع، وأجاز ابن عبد الحكم في الحمديسية قرضهن؛ إذ شرط عليه ألا يرد عينها وإنما مثلها، ونقل بعضهم هذا القول فقال: وقال ابن عبد الحكم: يجوز قرض الجوارى، وعليه رد المثل، ولا يرد ما استقرض.
ابن عبد السلام: وهذا هو خلاف. وعلى الأول-وهو نقل الموثوق بهم-لا يبعد موافقته للمشهور، والظاهر أن الكلية التى ذكرها المصنف هنا مطردة منعكسة، فأعطى كلامه أن كل ما يصح أن يسلم فيه إلا الجوارىيصح أن يقرض، وكل ما يصح أن يقرض يصح أن يسلم فيه، غير أن هذا العكس لا يحتاج معه إلا استثناء شيء. ومن قال بعدم (٥٠٦/ب) عكس هذه الكلية زعم أن جلد الميتة المدبوغ يصح قرضه، ولا يصح أن يسلم فيه غير صحيح بكل اعتبا، والله أعلم.
واعترض بعضهم قول ابن عبد الحكم بأن الشرط لا ينفع؛ لأنها على مثل الدين صفة ومقدارا، ومن أتى بذلك جبر ربه على قبوله، لجواز استثناء هذه الصورة لئلا يؤدى إلى عارية الفروج.