كان يَنبغي أَنْ يَجعلَ هذا الفرعَ بإِثْرِ قولِه:(فَإِذَا صَحَّ غَسَلَ وَمَسَحَ) لأنه مُفَرَّعٌ عليه، وإدخالُه مسألةَ سقوطِ الجبيرة بينهما ليس بجَيِّد، وكأنه تَبعَ في ذلك ابنَ شاس.
والضمير في (غَسْلَهَا) عائدٌ على الجِرَاحِ، واسم كان يحتمل أن يكون عائداً على الغسلِ، ويحتمل أن يَعود على الحَدَثِ المفهومِ مِن السياقِ. وينتهي لفظ المدونة عند قوله:(كُلْمَا صَلَّى).
وقوله:(يُرِيدُ غَسْلَ الْوُضُوءِ) يعني أن مالكاً يُريد بقولِه: (لا يُصِيبُهُ الْوُضُوءُ) غَسْلَ الوضوءِ، إذا لو كانت [٣٧/ب] في الرأسِ- ومَسَحَ عليها- صَدَقَ أن الوضوءَ أصابها، وليس هو المراد. وإنما أَجزأ غَسْلَ الوضوءِ عن غَسْلِ محلِّه للجنابةِ- وإن كانت موانعُ الجنابةِ أكثرَ- لأن الفِعْلَ فيهما واحدٌ، وهما فرضان، فنَابَ أحدُهما عن الآخَرِ.
وانظرْ هل يَجْرِي في هذه المسألة خلافٌ مِن مسألةِ ما إذا نَوَتِ الجَنَابَةَ دُونَ الحَيْضِ؟ وخالفَ الباجيُّ في هذه المسألةِ، ورآها كمسألةِ التيممِ التي تأتي.
ومما يَنْخَرِطُ في هذا المسلكِ ما حُكِيَ عن الشيخين الجليلين أبي علي ابنِ القَدَّاحِ وأبي الحسنِ المنتصرِ فيمن بقيت عليه لمُعَةٌ، فلما غَسَلَها بنيةِ الوضوءِ أَحْدَثَ قَبْلَ كَمالِ الطهارةِ. فقال أبو علي: إِنْ قلنا: إِنَّ الحدثَ لا يَرتفع إلا بالإكمالِ. لم تَطْهُرِ اللمعةُ مِن الجنابةِ، وإن قلنا: يَرتفع حدثُ كلِّ عُضْوٍ بالفراغِ منه. ارتَفَعَتْ جنابةُ اللمعةِ.