للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجلان من أمتي جثيا بين يدي رب العزة، فقال أحدهما: يا رب! خذ لي مظلمتي من هذا، فقال الله - عز وجل -: رد على أخيك مظلمته، فقال: يا رب! لم يبق من حسناتي شيء، فقال الله تعالى للطالب: كيف تصنع بأخيك ولم يبق من حسناته شيء؟ فقال: يا رب! فليحمل عني من أوزاري ثم [٤٥٩ ب] فاضت عينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالبكاء، ثم قال: إن ذلك ليوم عظيم يحتاج الناس فيه إلى أن يحملوا عنهم من أوزارهم، قال: فيقول الله - عز وجل - للمتظلم: ارفع بصرك فانظر إلى الجنان، قال: يا رب! أرى مدائن من فضة وقصوراً من ذهب مكللة باللؤلؤ لأي نبي هذا؟ ولأي صديق هذا؟ ولأي شهيد هذا؟ قال الله: لمن أعطى الثمن، قال: يا رب! ومن يملك ذلك؟ قال: أنت تملكه، قال: بماذا يا رب؟ قال: بعفوك عن أخيك، قال: يا رب! فقد عفوت عنه، قال الله - عز وجل -: خذ بيد أخيك فأدخله الجنة، ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم، فإن الله تعالى يصلح بين المؤمنين يوم القيامة" (١) فهذا سبيل الانتصاف والإنصاف, ولا يقدر عليه إلا رب الأرباب، إذ أوفر (٢) العبيد تخلق بهذه الصفة من ينتصف أولاً من نفسه ثم لغيره من غيره، ولا ينتصف لنفسه من غيره. [٢٨٤/ أ].


(١) أخرجه ابن أبي الدنيا في "حسن الظن بالله" رقم (١١٨)، والحاكم في "المستدرك" (٤/ ٥٧٦) بسند ضعيف.
(٢) قاله الغزالي في "المقصد الأسنى" (ص ١٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>