للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأقول: إذا نظرت إلى كلمة واحدة يكتبها كاتب لاستدللت بها على كون الكاتب عالماً قادراً سميعاً بصيراً، واستقر عندك اليقين بوجود هذه الصفات فيه، بل لو رأيت كلمة مكتوبة لحصل لك يقين قاطع بوجود كاتب لها عالم قادر سميع بصير حي، ولم تدل على هذا إلا صورة كلمة [واحدة، كما] (١) تشهد هذه الكلمة شهادة قاطعة بصفات الكاتب.

فما من ذرة في السماوات والأرض من فلك وكوكب وشمس وقمر، وحيوان [٤٥٧ ب] ونبات وصفة وموصوف، إلا وهي شاهدة على نفسها بالحاجة إلى مدبر دبرها وقدرها وخصصها بخصوص [٢٨٣/ أ] صفاتها، بل لا ينظر الإنسان إلى عضو من أعضاء نفسه وجزء من أجزائه ظاهراً وباطناً، بل إلى صفة من صفاته، وحالة من حالاته التي تجري عليها قهراً بغير اختياره؛ إلا وتراها قاطعة بالشهادة لخالقها وقاهرها ومدبرها، وكذلك كل ما يدركه بجميع [حواسه] (٢) في ذاته أو خارجاً عن ذاته. لكن (٣) لما كثرت الشهادات خفيت وغمضت لشدة الظهور، ولذا يقال: "ومن شدة الظهور الخفاء"، ولكنها (٤) لما كانت الموجودات كلها [مثبتة] (٥) في الشهادة والأحوال كلها مطردة على نسق واحد، كان ذلك سبباً لخفائه.


(١) في (أ): "واحد وكما".
(٢) في (أ): "جوانبه".
(٣) العبارة اعتراها نقص، وإليك نصها من "المقصد الأسنى": "ولو كانت الأشياء مختلفة في الشهادة يشهد بعضها ولا يشهد بعضها لكان اليقين حاصلاً للجميع، ولكن لما كثرت الشهادات حتى اتفقت خفيت وغمضت لشدة الظهور".
(٤) قاله الغزالي في "المقصد الأسنى" (ص ١٤٧).
(٥) كذا في (أ. ب)، والذي في "المقصد" (ص ١٤٧): "متفقة". =

<<  <  ج: ص:  >  >>