للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: [٤٥٦ ب] "الظَّاهِرُ (١) البَاطِنُ" هذان (٢) الوصفان أيضاً من الإضافيات، فإن الظاهر يكون ظاهراً لشيء وباطناً لشيء، ولا يكون من وجه واحد ظاهراً وباطناً، بل يكون ظاهراً من وجه واحد بالإضافة إلى إدراك، باطناً من وجه آخر. فإن الظهور والبطون إنما يكون بالإضافة إلى الإدراكات، فالله تعالى باطن إن طلب من إدراك الحواس وخزانة الخيال ظاهر إن طلب من خزانة العقل بطريق الاستدلال.

فإن قلت: كونه باطناً بالنظر إلى إدراك الحواس فواضح، وأما كونه ظاهراً للعقل فغامض؛ إذ الظاهر ما لا يتمارى فيه، ولا يختلف الناس في إدراكه، وهذا مما يوقع فيه الريب الكثير للخلق فكيف يكون ظاهراً؟

قلت (٣): اعلم أنه إنما خفي مع ظهوره لشدة ظهوره، فظهوره سبب بطونه، ونوره هو حجاب نوره، ولا يفهم هذا إلا بمثال.


(١) الظاهرية: صفة ذاتية لله - عز وجل -، من اسمه (الظاهر) الثابت بالكتاب والسنة. [انظرها في (أدلة الأول والآخر)].
وقد فسر النبي - صلى الله عليه وسلم - الظاهر بقوله: "ليس فوقك شيء".
انظر: "الاعتقاد" للبيهقي (ص ٦٤)، "شأن الدعاء" (ص ٨٨).
الباطنية: يوصف الله - عز وجل - بأنه الباطن، وهو اسم له ثابت بالكتاب والسنة. انظرها في أدلة (الأول والآخر).
قال ابن مندة في "كتاب التوحيد" (٢/ ٨٢): "الباطن: المحتجب عن ذوي الألباب كنه ذاته وكيفية صفاته - عز وجل -".
وقال ابن جرير في "جامع البيان" (٢٧/ ٢١٥): هو الباطن لجميع الأشياء، فلا شيء أقرب إلى شيء منه, كما قال تعالى: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (١٦)} [ق: ١٦].
(٢) قاله الغزالي في "المقصد الأسنى" (ص ١٤٥ - ١٤٦)، وانظر: "شرح أسماء الله الحسنى" للرازي (ص ٣٢٥ - ٣٢٧).
(٣) أي: الغزالي في "المقصد الأسنى" (ص ١٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>