للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فائدة: يتخلق العبد من هذه الصفة بأن لا يطلق بصره في محرم، ولا يطلقه إلا فيما يقربه إلى الله من نظر في آيات سماواته وأرضه يزداد بها إيماناً بربه، ومن نظر في مصحف يبشره أو كتاب هداية يذكره وليذكر بهاتين الصفتين، قوله تعالى: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (٤٦)} (١) فيراقب مولاه في جميع أموره، في حركاته وسكناته.

قوله: "الحَكَمْ" (٢) قال شراح الأسماء (٣): هو الحاكم المحكم لا رادّ [لحكمه] (٤) ولا معقب لحكمه ولا لقضائه، فهو الحاكم بأنه ليس للإنسان إلا ما سعى، وأن سعيه سوف يرى، و {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (١٤)} (٥)، ويعني: حكمه للبر بالسعادة وللفاجر بالشقاوة أنه جعل البر والفجور سببين يسوقان صاحبهما إلى السعادة والشقاوة، كما جعل الأدوية والسموم أسباباً تسوق متناولهما إلى "الشفاء" والهلاك، وإذا كان معنى حكمه


(١) سورة طه: ٤٦.
(٢) الحاكم والحَكَم: يوصف الله - عز وجل - بأنه الحاكم والحَكَم، و"الحَكَم" اسم لله - عز وجل - ثابت بالكتاب والسنة.
فمن الكتاب: قال تعالى: {أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا} [الأنعام: ١١٤].
وقال تعالى: {فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (٨٧)} [الأعراف: ٨٧].
ومن السنة: ما أخرجه أبو داود رقم (٤١٤٥)، والنسائي رقم (٤٩٨٠) من حديث هانئ بن يزيد - رضي الله عنه -: أنه لما وفد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع قومه، سمعهم يكنونه بأبي الحكم، فدعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إن الله هو الحَكَم، وإليه الحُكم، فلِمَ تكنى أبا الحكم"، وهو حديث صحيح.
انظر: "شأن الدعاء" (ص ٦١ - ٦٢)، "شرح القشيري" (ص ١٣٠ - ١٣١).
(٣) قاله الغزالي في "المقصد الأسنى" (ص ٩٥ - ٦٢)، والرازي في "شرح أسماء الله الحسنى" (ص ٢٤٨ - ٢٥٠).
(٤) زيادة من (أ).
(٥) سورة الانفطار: ١٣ - ١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>