للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حقيقة في الحال، وإن تقدم؛ لأن الله-تعالى-أمرنا بقطع يد السارق، وجلد الزاني، فلو ذهب ذلك بالمضي لأقمنا الحدود على غير السارق والزاني، وهو باطل، وإن طرأ الضد، واشتق له منه اسم كالثوب يصبغ أسود لم يصدق حقيقة، وبه يبطل كلام المصنف في اليقظان لا يسمى نائما، والصحابي لا يسمى كافرا لطريان الضد، وهو اليقظة، والإسلام.

الخامس: قال: إن المشتق قد يصدق بدون المشتق منه على ما ذكره في التي بعد هذه المسألة من المكي، والمدني، والخالق، والرازق.

والجواب عن الأول أن المصنف إنما ادعى التناقض في العرف؛ لأنهم يقصدون زمانا واحدا، وهو الحاضر لا بمجرد اللفظ، كما في النائم واليقظان باعتبار الليل والنهار.

وعن الثاني أن قولكم: الفرس ليس بحيوان طائر من باب سلب الأخص، وهو إنما صحح دليله بناء على أنه سلب أخص، فالمتوجه عليه المنع أن مقدمته من هذا الباب، ولم يستدل بصورة السلب والإيجاب مطلقا.

وعن الثالث: بأن قولنا: ضارب في الماضي يمنع صدقه حقيقة، بل مجازا مثل ضارب في المستقبل، وهو إنما ذكر مقدمته بناء على صدق أنه يصدق عليه ليس بضارب في الحال حقيقة، فإن كان ذلك صحيحا ظهر الفرق، وإلا فالمتجه منع مقدمته، ولا حاجة للمعارضة.

وعن الرابع: أن التفصيل ممنوع، والله تعالى لم يأمر بقطع السارق، إلا إذا صار الاسم يصدق عليه مجازا، أو دخل الفعل منه في الوجود، وصار محكوما عليه بالمضي، والله-تعالى-يرتب أحكامه بعد مضي المعنى، وصيرورة اللفظ مجازا، ولا يمنع ذلك إلا غافل عن الأوضاع الشرعية، بل لا يكاد يوجد في الشرعية إلا ذلك في جميع الموارد.

<<  <  ج: ص:  >  >>