وأيضًا: فإن أبا بكر- رضي الله عنه- نقض حكمًا حكم فيه برأيه؛ لحديث سمعه من بلال.
فإن قلت: (إن ابن عباس رد خبر أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنه قال: (إذا استيقظ أحدكم من نومه ...) حتى قال: (فما نصنع بمهراسنا؟!):
قلت: ظاهر هذا القول لا يقتضي رد الخبر، وإنما هو وصف للمشقة في العمل بموجبه؛ مع عظم المهراس.
سلمنا أنه ترك هذا الحديث؛ لكن إنما تركه؛ لأنه لا يمكن الأخذ به، من حيث لا يمكن قلب المهراس على اليد.
فإن قلت: (ليس فيه تكليف ما لا يطاق؛ لأنه كان يمكنهم غسل أيديهم من إناء آخر، ثم إدخالها في المهراس):
قلت: ومن أين يعلم أن قياس الأصول يقتضي غسل اليدين من ذلك الإناء؛ حتى يكون قد رد الخبر لذلك القياس.
الثاني: أن قصة معاذ تقتضي تقديم الخبر على القياس.
الثالث: أن التمسك بالخبر لا يتم إلا بثلاث مقدمات:
إحداها: ثبوته عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وثانيتها: دلالته على الحكم.
وثالثتها: وجوب العمل به.
والمقدمة الأولى: ظنية، والثانية والثالثة: يقينية.
وأما التمسك بالقياس: فلا يتم إلا بخمس مقدمات:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute