قوله:(ربما رآه قولا سائغًا لمن أداه اجتهاده إليه، وإن لم يوافق عليه):
تقريره: أن المصالح قد تتقارب، ولا يتعين الخطأ في أحدها، فلا نقول به لعدم الرجحان عنده، ولا ننكره لعدم تعين مفسدته.
قوله:(قد يعتقد أن كل مجتهد مصيب):
قلنا: هذا غير مانعٍ من الإنكار؛ لأنه وإن اعتقد ذلك، فهو يعتقد مع ذلك أن القائل وإن اجتهد فقد أخطأ الراجح والدليل بالكلية، فينكر عليه لذلك.
وإن كان يعتقد أنه مكلف بما غلب على ظنه، فإنا وإن قلنا: كل مجتهد مصيب، فإنا لم نقل: إن الأدلة مستوية، ولا أن كل أحد لابد أن يصادف في اجتهاده مدركًا صحيحًا، بل قد يتفق خلاف ذلك على هذا التقدير.
قوله:(ربما أراد الإنكار، ولكنه ينتظر الفرصة):
تقريره: أنه يروى عن جعفر الصادق: (ما كل ما يعلم يقال ولا كل ما يقال حضر رجاله، ولا كل ما حضر رجاله حضر أوانه، ولا كل ما حضر أوانه حضرت أحواله، ولا كل ما حضرت أحواله أمن غوره، فاحذر لسانك ما استطعت، والسلام).
قوله:(لو أنكر لحدث بسبب ذلك كما قال ابن عباس في سكوته عن القول: هبته، وكان مهيبًا) يعني: عمر - رضي الله عنهما.
قلنا: هذا يتعين حمله على أن الدليل لم يكن في غاية الظهور عند ابن عباس، وكان الظهور في الدليل يحتاج لنظرة وإيضاح، والهيبة تمنع من ذلك، فلم يتعين الإنكار، أما لو ظهر الدليل ظهورًا تامًا، فالمعلوم من أخلاق الصحابة أنهم لا يسكتون على مثل هذا.