فلا بد أن تقول: تسألني عن العرب، أو عن العجم؟ فإذا قال:(عن العرب)
فلا بد ان تقول: تسالني عن ربيعة، أو عن مضر؟ وهلم جرا، إلى ان تأتي على جميع التقسيمات الممكنة؛ وذلك لأن اللفظ: غما أن يقال: إنه مشترك بين الاستغراق، وبين مرتبة معينة في الخصوص، او بين الاستغراق، وبين جميع المراتب الممكنة؛ والأول باطل؛ لأن أحدا لم يقل به. والثاني يقتضي الا يحسن من المجيب ذكر الجواب، إلا بعد الاستفهام عن كل تلك الأقسام؛ لأن الجواب لابد وأن يكون مطابقا للسؤال، فإذا كان السؤال محتملا لأمور كثيرة، فلو أجاب قبل أن يعرف ما عنه وقع السؤال، لاحتمل ألا يكون الجواب مطابقا للسؤال؛ وذلك غير جائز.
فثبت أنه لو صح الاشتراك، لو جبت هذه الاستفهامات، لكنها غير واجبة: أما أولا؛ فلأنه لا عام إلا وتحته عام آخر، وإذا كان كذلك، كانت التقسيمات الممكنة غير متناهية، والسؤال عنها؛ على سبيل التفصيل، محال.
وأما ثانيا؛ فلأنا نعلم بالضرورة من عادة أهل اللسان؛ أنهم يستقبحون مثل هذه الاستفهامات.
وأما أنه لا يجوز أن تكون هذه الصيغة غير موضوعة لا للعموم، ولا للخصوص، فمتفق عليه، فبطلت هذه الأقسام الثلاثة، ولم ييبق إلا القسم الأول؛ وهو الحق.
فإن قيل: لا نسلم أنها غير موضوعة للخصوص.
قوله:" لو كان كذلك، لما حسن الجواب بذكر الكل ".
قلنا: متى إذا وجدت مع اللفظ قرينة تجعله للخصوص، أو إذا لم توجد الأول ممنوع، والثاني مسلم.