قال أبو الحَسَن: لِمَ لا يقول هذا الكافر الكبير، وكذا كلُّ كَبيرٍ في النَّار: يا ربِّ لقد علمتَ في سابقِ علمكَ أنِّي إنْ كبرتُ كفرت، وأنا أرضى بأقل من مصير هذا الغلام، فلِمَ لَمْ تُمِتْني صَبيًّا؟
فقال الجُبَّائي: أَبِكَ جنون؟
قال أبو الحسن: لا, ولكن وقفَ حمارُ الشَّيخ بالعَقَبة.
وهذه القصَّة هي التي يشير إليها المقَّري بقوله في الإضاءة:
وما اعترى الأطفالَ من آلامِ ... يَقْضي لأهلِ السُّنَّةِ الأَعلامِ
ثم إنَّ الشَّيخ أبا الحسن ترك مذهبَ الاعتزال، وقال برؤيةِ الله يومَ القيامَةِ، وقالَ بعدم وجوبِ الصَّلاحِ والأصلح على الله، لكنَّهُ بقيتْ معه في هذه الفترة من الزمن رواسبُ اعتزالية، منها ما يعتقدونه في كلام الله تعالى من نفي الحرف والصَّوت، ومن نفي التَّقديم والتَّأخير، ومن نفي الكلِّ والبعض، والإعراب وضدِّه وغيرها من أمثلة النَّفي المفضَّل، قال المقّري في الإضاءة:
وإنَّما كلامُهُ القديمُ ... ما فيهِ تأخيرٌ ولا تقديمُ
نعمْ ولا لحنٌ ولا إعرابُ ... أو كلٌّ أو بعضٌ أو اضطرابُ