للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تجعل قبري وثناً يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) (١).

وهناك من المالكية من أجاز ذلك، وأجابوا عما روي عن مالك من كراهيته لهذا القول، بأن ذلك منه قطعاً للذريعة، وقال بعضهم أنه كره الاسم فقط، وقيل: إنما كره ذلك لأن الناس يستعملون لفظ الزيارة بينهم، فكره تسوية النبي - صلى الله عليه وسلم - مع الناس بهذا اللفظ (٢).

وأما الشافعية: فقد قال النووي - رحمه الله -: " اختلف العلماء في شد الرحال وإعمال المطي إلى غير المساجد الثلاثة، كالذهاب إلى قبور الصالحين، وإلى المواضع الفاضلة ونحو ذلك، فقال الشيخ أبو محمد الجويني (٣) من أصحابنا: هو حرام، وهو الذي اختاره إمام الحرمين، والمحققون أنه لا يحرم ولا يكره" (٤).

أما الحنابلة: فقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن لهم قولين في هذه المسألة فقال: " وقد اختلف أصحابنا وغيرهم، هل يجوز السفر لزيارتها؟ على قولين: أحدهما: لا يجوز، والمسافرة لزيارتها معصية لا يجوز قصر الصلاة فيها، وهذا قول ابن بطة (٥)، وابن عقيل، وغيرهما؛ لأن السفر بدعة لم يكن في عصر السلف.


(١) أخرجه الإمام مالك في الموطأ (١/ ١٧٢)،برقم (٤١٤).
(٢) ينظر: الشفا (٢/ ٨٤)، نيل الأوطار (٥/ ١١٥).
(٣) هو: أبو محمد، عبد الله بن يوسف الطائي الجويني، شيخ الشافعية، كان إماماً في التفسير والفقه، والأصول، مهيباً مجتهداً في العبادة، من تصانيفه: كتاب "التفسير الكبير" وكتاب "التبصرة" في الفقه، وغيرهما، توفي سنة ٤٣٨ هـ. ينظر: ترجمته في: تبيين كذب المفتري (٢٥٧ - ٢٥٨)، طبقات السبكي (٥/ ٧٣ - ٩٣)، السير (١٧/ ٦١٧ - ٦١٨).
(٤) شرح صحيح مسلم (٩/ ١٠٦)، وينظر: المجموع للنووي (٨/ ٢٧٢) وما بعدها.
(٥) هو: أبو عبد الله، عبيدالله بن محمد بن محمد العكبري الحنبلي، شيخ العراق، وصاحب كتاب "الإبانة" كان عالماً جليلاً، آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، توفي سنة ٣٨٧ هـ.
ينظر: ترجمته في: طبقات الحنابلة (٢/ ١٤٤ - ١٥٣)، شذرات الذهب (٣/ ١٢٢ - ١٢٤)، السير (١٦/ ٥٢٩ - ٥٣٣).

<<  <   >  >>