للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إذا تداعيا عينًا) يعني رجلان تداعيا عينًا، كل واحد منهما يقول: هي لي، (وهي بيد أحدهما فهي له بيمينه، إلا إذا كان له بينة فإنه لا يحلف) اكتفاء بماذا؟ اكتفاء بالبينة.

مثال ذلك: ادَّعى زيدٌ على عمرو أن المسجل الذي معه له، أين زيد؟ فقال: عمرو: ليس لك، العين الآن بيد مَنْ؟ بيد عمرو، نقول: هي لكَ بيمينك، إذا حلف قال: والله إن هذا المسجل لي وليس لفلان، فهي له، إلا إذا كان عنده بينة، فلا حاجة إلى اليمين، اكتفاءً بالبينة؛ لأن البينة أقوى من اليمين، ولا يرِد الأضعف على الأقوى، بل يدخل في الأقوى، الأضعف لا يرد على الأقوى، بل يدخل فيه، وحينئذٍ يُكتفى بالبينة.

قد يقول قائل: كيف يُعمل بالبينة وهو مُدَّعًى عليه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي»، (٨) فجعل البينة في جانب المدعي، وجعل اليمين في جانب المدَّعَى عليه؟

فالجواب أن يقال: نعم، الرسول عليه الصلاة والسلام قال هذا اكتفاءً بأدنى موجب ومثبت وهو اليمين؛ لأنه لما كانت العيْن بيده ترجَّح جانبه فاكتُفي فيه باليمين؛ هذا الجواب، فصار الحديث إنما ذُكر به أدنى موجِب لانتفاء الحق عنه وهو اليمين، فإذا وُجِد ما هو أعلى وهو البينة اكتُفي بها.

إن أقام الْمُدَّعي بينة، فلمن؟ فللمُدَّعِي، إذا أقام بينة فهي له، واضح.

لو أقام بينة وحلف المدَّعى عليه؟ لم يُعتدَّ بيمينه، البيِّنة تُقدَّم.

قال المؤلف: (وإن أقام كل واحد بينة أنها له؛ قُضي للخارج ببينته، ولغت بينة الداخل).

أقام المدَّعِي بينة أنها له، وأقام المدَّعَى عليه بينة أنها له، يقولون: يُقضى ببينة الخارج دون بينة الداخل. ويش الداخل والخارج؟

الداخل من هي بيده، والخارج من ادَّعى، المدعِي؛ فيُقضى للخارج ببينته وتُلغى بينة الداخل.

<<  <  ج: ص:  >  >>