وقول المؤلف:(أو بمسمى منه يزيد على الثلث، فإنه يجزئه قدر الثلث) هذا أحد القولين في مذهب الإمام أحمد، ولكن المذهب المشهور عند المتأخرين أنه يلزمه أن يتصدق بالمسمى وإن زاد على الثلث، ففي مثالنا هذا يلزمه أن يتصدق بالسيارة كلها، ويقولون: إن الفرق بينه وبين الكل بأن الكل عبارة عن كل المال، وليس ذلك بالأمر المشروع؛ بخلاف الصدقة بشيء معين فإنه مشروع، ولو كان أكثر من الثلث؛ فالمسألة الآن عندنا ثلاثة أشياء: أن ينذر الصدقة بجميع ماله، فمذهب الحنابلة؟
طلبة: يجزئه الثلث.
الشيخ: يجزئه الثلث، وقول أكثر أهل العلم لا بد أن يتصدق بالجميع؛ بماله كله، هذه واحدة.
ثانيًا: أن ينذر الصدقة بشيء معين يزيد على الثلث؛ فالمذهب يلزمه أن يتصدق به، ولو زاد على الثلث، والذي مشى عليه المؤلف، يقول: لا يلزمه أكثر من الثلث.
الصورة الثالثة: أن ينذر بشيء من ماله مشاع، مثل أن يقول: ثلث مالي، نصف مالي، وما أشبه ذلك، فيتعين ما قاله على ظاهر المذهب، وعلى كلام المؤلف لا يلزمه أكثر من الثلث.
وفيما إذا تصدق بالثلث، هل عليه كفارة؟
ليس عليه كفارة؛ لأنه يقول:(يجزئه)، وما دام يجزئه فقد أوفى بنذره، فلا كفارة عليه.
قال:(وفيما عداها يلزمه المسمى)، (وفيما عداها)؛ أي: ما عدا المسألة المذكورة، وهي إذا نذر الصدقة بماله كله، أو بمسمى منه يزيد على الثلث فإنه (يلزمه المسمى)؛ أي: الْمُعَيَّن ولو كثر، لو فرضنا أن رجلًا عنده مليون ريال، وقال: لله عليَّ نذر أن أتصدق بثلاث مئة ألف، هل يلزمه ولَّا لا؟
طلبة: يلزمه.
الشيخ: يلزمه؛ لأنه أقل من الثلث، ولهذا قال:(فيما عداها)؛ يعني عدا المسألة المذكورة فـ (يلزمه المسمى)، دليله عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم:«مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ»(٤).