ثم تكلم المؤلف عن الإحصار فقال:(ومن صده عدو عن البيت أهدى، ثم حل) من صده عدو عن البيت؛ يعني: عن الوصول إلى البيت سواءٌ في عمرة أو في حج فإنه يهدي؛ يعني: يذبح الهدي، ثم يحل؛ لقول الله تبارك وتعالى:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}[البقرة: ١٩٦] أي: فعليكم ما استيسر من الهدي، ولأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر أصحابه في الحديبية أن ينحروا ويحلوا (٧)، (أهدى ثم حل).
وقوله:(من صده عدو)(مَنْ) اسم شرط أو اسم موصول؟
طالب: اسم موصول.
الشيخ: يجوز أن تكون موصولة وأن تكون شرطية، وعلى كل تقدير فهي للعموم، فيعم ما إذا كان الصد عامًّا أو كان خاصًّا؛ العام أن يُصد كل الحجيج، لا قدَّر الله ذلك، والخاص أن يُصد واحدٌ من الناس أو جماعة من الناس، فماذا يصنعون؟
لنفرض أن أناسًا تسللوا وجاؤوا بلا جواز فمنعوا هؤلاء، نقول: أُحصروا، لكن لا ينطبق على قول المؤلف هنا؛ لأن المؤلف يقول:(من حصره عدوٌّ) فيرى أن الحصر خاص بالعدو، وأن الحصر بغير العدو ليس له حكم الحصر بالعدو، وسنتكلم على هذا إن شاء الله.
يقول:(أهدى ثم حل، فإن فقده صام عشرة أيام ثم حل) إن فقد أيش؟
طلبة: الهدي.
الشيخ: الهدي، (صام عشرة أيام ثم حل)، ما هو الدليل؟
الدليل القياس على هدي التمتع، وهذا القياس فيه نظرٌ من وجهين:
الوجه الأول: أن ظاهر حال الصحابة الذين كانوا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهم ألف وأربع مئة نفر أن فيهم الفقراء، ولم يرد أن الرسول قال لهم: من لم يجد الهدي فليصم عشرة أيام، والأصل براءة الذمة.
وأما الوجه الثاني: فلأن الهدي الواجب في التمتع هدي شكران للجمع بين النسكين، أما هذا فهو عكس التمتع؛ لأن هذا حرم من نسكٍ واحد، فكيف يقاس هذا على هذا؟ فلذلك لا يصح القياس ونقول: من لم يجد هديًا إذا أُحصر فإنه يحل ولا شيء عليه.