فالظاهر أن الرجُل انتقد نفْسَه، عرف أنه أخطأ خِطْئًا كبيرًا، ولهذا قال الموفَّق رحمه الله في كتابه ذم الموسوسين أو الرد على الموسوسين قال: إن بعض العلماء قال: لو كَلَّفَنا اللهُ عملًا بلا نيَّةٍ لكان مِن تكليف ما لا يُطاق. صحيح هذا؟
طالب: ما هو صحيح.
الشيخ: صحيح؛ لو قيل لك: تَوَضَّأ، لكن ( ... ) تنوي الوضوء، صلِّ ولكنْ لا تَنْوِ الصلاة. ما يُمْكن.
صحيحٌ أنَّ الإنسان قد يغيب عنه التعيين، ما هو نيَّة الفِعل، هو ينوي الفِعل، لكنْ يغيب عنه التعيين؛ يجيء يصلي، يدخل المسجد مَثَلًا لصلاة الظهر ثم يُكَبِّر ويصلِّي، لكنْ يغيب عن ذهنه أنه نوى الظهر مَثَلًا، لكنْ في نيَّته أنه نوى فَرْض الوقت، ما فيه إشكال، ما نوى صلاة الضحى، نوى فَرْض الوقتِ، إلا أنه غاب عن قَلْبه تعيينُ الصلاة، فهل يُجزِئ أو لا؟
قال بعض العلماء: لا تُجزئه الصلاةُ؛ لأنه لا بدَّ من التعيين.
وقال أحد أصحاب الإمام أحمد وهو ابن شاقِلَّا -رحمه الله- قال: إنه يكفيه أن ينوي فَرْضَ الوقتِ. وهذا -والحمد لله- فيه سَعَةٌ للناس؛ لأنه كثيرًا ما يأتي الإنسان ويصلِّي -لا سِيَّما إذا كان الإمامُ راكعًا- فإنه يأتي بسرعةٍ وقد لا ينوي التعيين، لكنْ لو سألتَهُ: ماذا نويتَ؟ قال: نويتُ أؤدِّي الفرض. ما فيه إشكال.
يقول:(ومَنْ تَرَكَ رُكنًا غيرَه لم يتمَّ نُسُكُهُ إلَّا به).
(مَنْ تَرَك رُكنًا غيرَه) أي: غير الإحرام (لم يتمَّ نُسُكه إلا به) لو تَرَك الطواف؛ نسي ولم يطُفْ طوافَ الإفاضة، نقول: إلى الآن لم يتمَّ حجُّك، لا بدَّ أن تطوف. فإنْ كان الركن مما يفوت فالحجُّ لاغٍ؛ كما لو تَرَك الوقوفَ بعرفة حتى خرج فجر يوم العيد، فإنَّ الحجَّ انتهى، ما عاد يُمْكنه الآن.