وما ذهب إليه المؤلف رحمه الله من أن له تأخيره إلى ما لا نهاية له ضعيف، والصواب أنه لا يجوز تأخيره عن شهر ذي الحجة، إلا إذا كان هناك عُذر كمرض لا يستطيع معه الطواف، لا ماشيًا، ولا محمولًا، أو امرأة نفست قبل أن تطوف طواف الإفاضة أو طواف الزيارة، فهنا ستبقى لمدة شهر أو أكثر.
أما إذا كان لغير عذر، فإنه لا يحل له أن يُؤخره، بل يجب أن يبادر قبل أن ينتهي شهر ذي الحجة.
وعُلم من كلام المؤلف أنه لا يجب أن يطوف طواف الإفاضة يوم العيد؛ لقوله:(يُسن في يومه، وله تأخيره).
وعُلم منه أيضًا أنه يبقى على حله الأول إذا أخَّر طواف الإفاضة عن يوم العيد، وهذا هو الذي عليه جمهور العلماء، بل حُكي إجماعًا أنه لا يعود حرامًا لو أخَّر طواف الإفاضة حتى تغرب الشمس من يوم العيد.
ولكن ذُكر في هذا خلاف عن بعض التابعين؛ لحديث ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك، لكنه حديث شاذ، وفي صحته نظر، وهذا الحديث مُقتضاه أنه لو غابت الشمس يوم العيد، ولم يطُف فإنه يعود حرامًا كما كان بالأمس، ولكنه لا يُعوَّل عليه؛ لشذوذه، وعدم عمل الأمة به، وذلك أن الأمة لا يمكن أن تُخالف مثل هذا الحديث الذي تتوافر الهمم والدواعي على نقله والعمل به؛ لأنه من المعلوم أنه ليس كل الحجيج يطوفون طواف الإفاضة في يوم العيد.
ثم إنه إذا انتهى من إحرامه فقد حل، ولا يعود للحرام إلا إذا عقد إحرامًا جديدًا، أما مجرد عدم المبادرة بطواف الإفاضة فإنه لا يمكن أن يكون سببًا لعودة التحريم بلا نية؛ لقول الرسول عليه الصلاة والسلام:«إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»(١٤).
قال المؤلف:(ثم يسعى بين الصفا والمروة إن كان متمتعًا) يسعى بين الصفا والمروة على صفة ما سبق، يبدأ بالصفا أولًا، ويختم؟