كما أن العلماء أيضًا مختلفون في وجوبها في الأصل هل هي واجبة أو سنة؟ والذي يظهر أنها واجبة؛ لأن أصح حديث يحكم في النزاع في هذه المسألة، حديث عائشة رضي الله عنها حين قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: هل على النساء جهاد؟ قال:«نعم، عَلَيْهِنَّ جِهَادٌ لَا قِتَالَ فِيهِ؛ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ»(١).
فقوله:«عَلَيْهِنَّ» ظاهرة في الوجوب؛ لأن (على) من صيغ الوجوب، كما ذكر ذلك أهل أصول الفقه، وعلى هذا فالعمرة واجبة.
ولكن هل هي واجبة على المكي؟
في هذا خلاف في مذهب الإمام أحمد؛ فالإمام أحمد نصَّ على أنها غير واجبة على المكي، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، بل إن شيخ الإسلام يرى أن أهل مكة لا تشرع لهم العمرة مطلقًا، وأن خروج الإنسان من مكة ليعتمر ليس مشروعًا أصلًا، ولكن في القلب من هذا شيء؛ لأن الأصل أن دلالات الكتاب والسنة عامة، والعامة تشمل جميع الناس إلا بدليل يدل على خروج بعض الأفراد من الحكم العام.
وهذا الخلاف الذي ذكرناه إنما هو في العمرة، أما في الحج فقد أجمع المسلمون على وجوبه على جميع المسلمين في أي مكان.
إذن يختلف الوجوب في العمرة عن الحج من وجهين؛ الوجه الأول؟
طلبة: الآكدية.
الشيخ: الآكدية، والوجه الثاني؟
طلبة: الشمول.
الشيخ: الشمول، فالحج واجب على جميع المسلمين بخلاف العمرة ففيها الخلاف الذي أشرنا إلى شيء منه.
استدل بعض العلماء على وجوب العمرة؛ بقوله تعالى:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}[البقرة: ١٩٦]، فهل يمكن أن يُسَلَّم لهذا الاستدلال:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالَعُمْرَةَ لِلَّهِ}؟