الشيخ: لا تجزئه، يُسْتَثْنَى من ذلك مسألة:(إِلَّا لِغَنِيٍّ ظَنَّهُ فَقِيرًا فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ)، مثل: رجل جاء يسأل وعليه علامة الفقر من الثياب الرديئة، فأعطيتُه من الزكاة، فلما انصرف عني جاءني شخص وقال: ما الذي أعطيتَه؟ قلتُ: زكاة، قال: هذا أغنى منك، هذا عنده ملايين، فما حكم الزكاة التي دفعتُها؟
طلبة: تجزئ.
الشيخ: تجزئ؛ لأنه ليس لنا إلَّا الظاهر، ومثل ذلك أولئك السُّؤَّال الذين يأتون إلى طلب مساعدة في مدرسة، أو مسجد، أو ما أشبه ذلك، ثم نعطيهم بناءً على الظاهر لنا، ويتبين أنهم على خلاف هذا، فإن ذلك؟
طلبة: يجزئ.
الشيخ: يجزئ، ما هو الدليل؟ الدليل قصة الرجل الذي تصدق ليلة من الليالي، خرج بصدقته فدفعها إلى شخص، فأصبح الناس يتحدثون: تُصُدِّق الليلةَ على غني، فقال: الحمد لله، على غني! ! يعني رأى أن هذا مصيبة، ثم خرج مرة أخرى فتصدق، فوقعت في يد بَغِيّ، البَغِيّ هي؟
طلبة: زانية.
الشيخ: الزانية، فأصبح الناس يتحدثون: تُصُدِّقَ الليلة على زانية، أو على بَغِيّ، فقال: الحمد لله، على غني وعلى زانية! ! ثم خرج مرة ثالثة، فتصدق فوقعت الصدقة في يد سارق، فأصبح الناس يتحدثون: تُصُدِّقَ الليلة على سارق، فقال: الحمد لله، غني وبغي وسارق! ! فقيل له: أما صدقتك فقد تُقُبِلَت؛ أمَّا الغني فلعله يتذكر ويتصدق ويتَّعِظ بما حصل منك، وأما السارق فلعله يكتفي بما أعطيته عن السرقة، وأما البَغِيّ فلعلها تتعفف بما أعطيتَها عن البَغْيِ، أو عن البِغَاء.
فانظر إلى هذا، هذا الرجل نيته طيبة، وقعت الصدقة في غير ما يريد، ولكن لحُسْن نيته صارت مفيدة، مقبولة عند الله، ونافعة لمن تصدق عليهم؛ لأنه قال:(لعله).
فيؤخذ من هذا الحديث أن الإنسان إذا تصدق على غني يظنه فقيرًا فإن الزكاة تجزئ.