للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يذكره أيضًا الوصية، كيف الوصية؟ ليس المراد بالوصية ما يفهمه كثير من العامة أنها الوصية بالعشاء والضحية، عندنا هنا في نجد الوصية في العشاء والضحية، أكثر الوصايا: أوصى بثلث ماله أو بجزء منه يقدره بعشاء وضحية، ويستدلون بالحديث الضعيف: «اسْتَفْرِهُوا ضَحَايَاكُمْ فَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَطَايَاكُمْ» (١١) يعني: اتخذوا ضحايا فارهة فإنها مطاياكم، فيقول: أنا أحب أن تكون لي مطية يوم القيامة، فأوصي بالأضحية.

ليس مراد العلماء هذا. أهم شيء الوصية بما يجب عليه من حقوق الله وحقوق العباد، قد يكون عليه زكاة ما أداها، قد يكون عليه حج لم يؤده، قد يكون عليه كفارة، قد يكون عليه ديون للناس فيذكر بالوصية في هذا.

ويذكر أيضًا بالوصية التطوع، فيقال: لو أوصيت بشيء من مالك في وجوه الخير تنتفع به، وأحسن ما يوصي به للأقارب غير الوارثين؛ لأن الذي يترجّح عندي أن الوصية للأقارب غير الوارثين واجبة؛ لأن الله تعالى قال: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة: ١٨٠]، فخص الوارث بآيات المواريث، ويبقى ما عداه على الأصل على الوجوب.

فالصحيح أن الآية محكمة لا منسوخة، وعلى هذا فيوصي بما شاء، يوصي بالخمس مثلًا، يقول: أنا أوصيت بالخمس، يعطي الوصي منه ما رأى لأقاربي غير الوارثين، والباقي في أعمال الخير، وإذا كان له أقارب غير وارثين فقراء فهم أحق بالخمس كله، هذه الوصية.

ولكن كلام المؤلف يدل على أنه يذكر بذلك، سواء كان المرض مَخُوفًا أو غير مخوف، وسواء ظننا أن المريض يرتاع بذلك أو لا؛ لأن بعض المرضى إذا قلت: تبْ إلى الله، استغفر الله، انظر للمظالم اللي عليك، أوصِ، تُدْني إليه الموت وربما يموت؛ لأنه ماذا يقول؟ يقول: هذا رأى فيّ الموت.

<<  <  ج: ص:  >  >>