ويَخْرُجُ مُتواضعًا مُتَخَشِّعًا مُتَذَلِّلًا مُتَضَرِّعًا ومعه أهلُ الدِّينِ والصلاحِ والشيوخُ والصبيانُ المميِّزونَ، وإن خَرَجَ أهلُ الذِّمَّةِ مُنفرِدِينَ عن المسلمينَ لا بيومٍ لم يُمْنَعُوا، فيُصَلِّي بهم ثم يَخْطُبُ واحدةً يَفتَتِحُها بالتكبيرِ كخُطبةِ العيدِ ويُكثِرُ فيها الاستغفارَ وقراءةَ الآياتِ التي فيها الأَمْرُ به، ويَرفعُ يَدَيْهِ فيَدْعُو بدعاءِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ ومنه:" اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا " إلى آخِرِه وإن سُقُوا قَبلَ خُروجِهم شَكَرُوا اللهَ وسَأَلُوه الْمَزيدَ من فَضْلِه. ويُنادَى الصلاةُ جامعةٌ، وليس من شَرْطِها إذْنُ الإمامِ، ويُسَنُّ أن يَقِفَ في أَوَّلِ الْمَطَرِ وإخراجُ رَحْلِه وثيابِه ليُصِيبَهما الْمَطَرُ. وإذا زَادَت المياهُ وخِيفَ منها سُنَّ أن يَقولَ " اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الظِّرابِ والآكامِ وبُطونِ الأَوديةِ ومَنابِتِ الشجَرِ، رَبَّنَا لا تُحَمِّلْنَا ما لا طَاقةَ لنا به ". الآيةَ.
قال:(ويأمرهم أيضًا بالصدقة)(الصدقة) قد يقال: إنها مناسبة؛ لأن الصدقة إحسان إلى الغير، والإحسان سبب للرحمة؛ لقول الله تعالى:{إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}[الأعراف: ٥٦]، والغيث رحمة؛ لقول الله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ}[الشورى: ٢٨]، والصدقة هنا ليست الصدقة الواجبة، بل هي صدقة مستحبة، أما الصدقة الواجبة فإنَّ منعها سببٌ لمنع القطر من السماء، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث المروي عنه:«وَمَا مَنَعَ قَوْمٌ زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ»(١).