الثاني: كشفه وهو خالٍ ليس عنده أحد، فهل يكره أو لا؟ هذا ينبني على جواز كشف العورة والإنسان خالٍ. وفيه للعلماء ثلاثة أقوال: الجواز، والكراهة، والتحريم، والمذهب يقولون: إنه يكره أن يرفع ثوبه قبل دنوه من الأرض إذا لم يكن ناظر، فإن كان ناظر فهو حرام، ويكره إذا لم يكن ناظر؛ لأن فيه كشفًا للعورة بلا حاجة، أليس كذلك؟
طلبة: بلى.
الشيخ: تكشف عورتك بلا حاجة، الحاجة أنك إذا قربت من الأرض، أما وأنت بعيد فلا حاجة لذلك، ويقولون: إنه يحرم كشف العورة في الخلاء، لكن إنما قلنا بكراهة ذلك دون التحريم لأن كشفه هنا لسبب، وكان الخارج أو الزائد هو أن يبدأ بذلك قبل أن يباح له هذا الشيء، فلهذا يقولون: إنه على سبيل الكراهة، لا على سبيل التحريم.
وقول المؤلف:(ورفع ثوبه قبل دنوه من الأرض) إذا كان يريد أن يبول وهو قائم، فهذا سيرفع ثوبه وهو واقف، ولكن نقول: إن القائم دانٍ من قضاء الحاجة؛ لأنه سيقضيها وهو قائم.
والبول قائمًا جائز، لاسيما إذا كان لحاجة، ولكن بشرطين:
أن يأمن التلويث، وأن يأمن الناظر، وقد ثبت في الصحيحين من حديث حذيفة أن الرسول عليه الصلاة والسلام أتى سُبَاطَةَ قومٍ فبالَ قائمًا (١٣).
قال أهل العلم: فعل ذلك للجواز، وقال علماء آخرون: فعل ذلك للحاجة؛ لأن السباطة كانت عند قوم مجتمعين ينظرون إليه، فهو إن قعد في أعلاها مستدبرًا لهم ارتد بوله إليه، وإن قعد في أعلاها مستقبلًا لهم فقد كشف عورته أمامهم، فما بقي إلا أن يكون قائمًا مستدبرًا للقوم، فيكون في ذلك محتاجًا إلى البول قائمًا.
وأما حديث أن ذلك كان لأثر في مأبِضه (١٤) فإنه ضعيف، وكذلك القول بأنه فعل ذلك لأن العرب يتطببون بالبول قائمًا من وجع الركب (١٥) فهذا ضعيف. ولكن نعم يمكن العرب إذا أوجعتهم ركبهم عند الجلوس يمكن يبولون قيامًا للحاجة.