للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (وعند الخروج منه)، يعني: يسن أن يقول عند الخروج منه، والعندية هنا قبلية ولا بعدية؟

طلبة: بعدية.

الشيخ: بعدية (عند الخروج منه: غفرانك)، غفران: هذه مصدر غفر يغفر غفرًا وغفرانًا، شكر يشكر شكرًا وشكرانًا، إذن (غفرانك): مصدر منصوب بفعل محذوف تقديره: أسألك غفرانك.

والمغفرة تقدم لنا مرارًا وتكرارًا أنها: ستر الذنب والتجاوز عنه؛ لأنها مأخوذة من المِغْفَر، وفي المغفر ستر ووقاية، وليس سترًا فقط، بل ستر ووقاية، فيكون معنى: اغفر لي؛ أي: استر ذنوبي وتجاوز عني حتى أسلم من عقوبتها.

وقوله (غفرانك) مناسبة ذكره هنا قيل: إن المناسبة أن الإنسان لما تخفف من أذية الجسم تذكر أذية الإثم؛ فدعا الله أن يخفف أذية الإثم كما منّ عليه بتخفيف أذية الجسم، فكما أنه الآن سلم من آثار هذا الأذى فيسأل الله أن يسلم من آثار الذنوب، وهذا معنى مناسب من باب تذكر الشيء بالشيء.

وقال بعض العلماء: إنه يسأل الله غفرانه لأنه انحبس عن ذكره في مكان الخلاء، فيسأل الله أن يغفر له هذا الوقت الذي لم يذكر الله فيه.

وفي هذا نظر، هذا الأخير فيه نظر؛ لأنه إنما انحبس عن ذكر الله بأمر الله، وإذا كان بأمر الله فلم يعرض نفسه للإثم، بل عرض نفسه للمثوبة، ولهذا المرأة الحائض لا تصلي ولا تصوم، فهل يسن لها إذا طهرت أن تستغفر الله؛ لأنها تركت الصلاة والصيام في أيام الحيض؟ أبداً، ما أحد قاله، ولا جاءت به السنة.

فتبين بهذا أن القول الصحيح: أن المناسبة هو تذكر الإنسان حين خلا مما يؤذيه حسًّا أن يسأل الله تعالى أن يخليه مما يؤذيه شرعًا أو معنى.

طالب: ما يمكن أيضًا نقول: إن هذه نعمة من الله عز وجل أن يتخلص من هذا الأذى بأنه يستغفر الله على عدم القيام بالشكر على النعمة.

الشيخ: لا، النعمة تحتاج إلى الشكر، وإلا لقلنا: كل نعمة ينعم الله بها عليك استغفر الله، ما نقول هكذا، نقول: اشكروا الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>