يعني: هل إذا قلت: يستحب مرادف لقولي: يسن، أو لا؟ أقول: يسن إلا فيما ثبت بدليل، وأما ما ثبت بالتعليل فأقول فيه: يستحب، فيه خلاف بين الأصوليين، فقال بعضهم: إن الشيء الذي لا يثبت بدليل لا تقل فيه: يسن؛ لأنك إذا قلت: يسن معناه أثبته سنة وليس عندك دليل، أما الشيء الذي يثبت بتعليل ونظر واجتهاد فقل: إنه يستحب؛ لأن الاستحباب ليس كالسنة بالنسبة لإضافته إلى الرسول عليه الصلاة والسلام.
ولكن أكثرهم يقولون: إنه لا فرق بين يُستحب وبين يُسن؛ ولهذا يعبر بعضهم بيسن ويعبر بعضهم بيستحب.
القول الأول لا شك أنه أقرب إلى الضبط؛ لأنك لا تعبر عن شيء لم يثبت بدليل؛ لا تعبر عنه بيسن، لكن قل نستحب له ذلك، نرى هذا مطلوبًا، وما أشبه ذلك.
أما ما ذكر المؤلف هنا (قول: باسم الله، أعوذ بالله من الخبث والخبائث) فهذا سنة، أما (قول: باسم الله) فهذا قد رواه علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «سَتْرُ مَا بَيْنَ الْجِنِّ وَعَوْرَاتِ بَنِي آدَمَ إِذَا دَخَلُوا الْكَنِيفَ أَنْ يَقُولُوا: بِاسْمِ اللهِ»(٢) ستر بين الجن والعورات.
وأما (أعوذ بالله من الخبث والخبائث) فقد ثبت في الصحيحين من حديث أنس أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان إذا دخل الخلاء قال: «أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الخُبثِ وَالْخَبَائِثِ»(٣)، فائدة البسملة عرفناها ما هي؟
طلبة: ستر العورة.
الشيخ: ستر العورة عن الجن، فائدة هذه: الالتجاء إلى الله عز وجل من الخبث والخبائث، الخُبْث بالسكون والخبائث؛ الخبث: الشر، والخبائث: النفوس الشريرة، يعني النفوس ذوات الشر، وهو أعم من الخُبُث بالضم والخبائث؛ لأن رواية الخُبُث، الخُبُث: جمع خَبيث، والمراد به: ذُكران الشياطين، والخبائث جمع خبيثة، والمراد به: إناث الشياطين، هذا على رواية الضم، أما على رواية التسكين فالخُبْث: الشر، والخبائث: النفوس الشريرة، أيهما أعم؟