والثاني: أن يكون انتقال الملك فيه بالاختيار كالهِبة، فالمذهب أنه لا شفعة، والصحيح أن الشفعة ثابتة؛ لأن الحكمة من الشفعة موجودة في الهبة، إذ إن الحكمة من الشفعة إزالة الضرر عن الشريك الأول بالشريك الجديد؛ لأنه قد يكون شريكه الجديد شكسًا سيئ الخلق، فشرع الشارع الشفعة لإزالة هذا الضرر، ثم إن هذا الشريك الجديد قد لا يتلاءم مع الأول فتحصل المنازعات والخصومات والبغضاء، وهذا ما يريد الشرع البعد عنه.
وقوله:(بعوض مالي) أيضًا يشترط أن يكون العوض ماليًّا، فإن لم يكن ماليًّا فإنه لا شُفعة، الأعواض مالية وغير مالية؛ فالمالية كالنقود والثياب والسيارات وما أشبه ذلك، ويشمل العوض المالي الأعيان والمنافع، فمثال الأعيان: إنسان باع ملكه على شخص بسيارات، العِوض هنا مالي ولَّا غير مالي؟
طلبة: مالي.
الشيخ: العِوض هنا مالي، أعيان أو منافع؟
طلبة: أعيان.
الشيخ: أعيان، مثال المنافع؛ إنسان استأجر بيتًا وأعطى صاحب البيت نصيبه من هذه الأرض مثلًا، فهنا فيه عِوَض، لكن العِوَض عين ولَّا منفعة؟
طلبة: منفعة.
الشيخ: منفعة؛ لأنه أعطى نصيبه من هذه الأرض لشخص استأجر بيته واستوفى العِوض منفعة؛ والمنفعة لا شك أنها من الأعواض المالية.
لو أنه أعطاها مُصالحة عن دم عمد، القتل العمد فيه القصاص، أليس كذلك؟ فهذا الشريك قتل شخصًا عمدًا، نقول: عليك القصاص، تَصالح هو وأولياء المقتول بإسقاط القصاص بعِوض على قدْر الدية أو أقل أو أكثر، فهل للشريك الأول أن يأخذ النصيب بالشفعة؟ ! لا؛ لأن العِوض هنا ليس ماليًّا، العِوض قصاص، قتل نفس فلا تُؤْخذ بالشفعة.